ماذا تكشف الإحصاءات الحكومية عن الزواج والطلاق وتعدد الزوجات في مصر؟
تراجع معدلات الزواج في مصر لم يعد مجرد رقم في سجلات الإحصاءات، إذ يعكس تحولات اجتماعية ومعيشية عميقة. المجتمع الذي اعتاد على ارتفاع معدلات الزواج واستقرار الأسرة، أصبح اليوم أمام تحديات جديدة نتيجة الضغوط الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة، مما يدفع الكثيرين لتأجيل الزواج أو العدول عنه، في حين تلجأ فئات أخرى إلى الطلاق بوتيرة أسرع هذه التحولات مرتبطة بالتحولات الثقافية والاجتماعية التي يشهدها المجتمع خلال السنوات الأخيرة، وتؤثر على بنية الأسرة ونظرة الأجيال الجديدة إلى الزواج.
تشير بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى انخفاض عقود الزواج بنسبة 2.5% عام 2024، حيث سجلت 936,739 عقداً مقارنة بـ 961,220 عقداً في 2023 هذا التراجع رغم كونه محدوداً رقمياً، إلا أنه يحمل دلالات مهمة حول تغير سلوك الأسر المصريّة تجاه الزواج نتيجة الضغوط الاقتصادية وارتفاع أسعار السكن وتكاليف الزواج ومتطلبات المعيشة اليومية.
في الوقت نفسه، ارتفعت حالات الطلاق بنسبة 3.1% لتصل إلى 273,892 حالة في 2024 مقارنة بـ 265,606 حالة في 2023. هذا الارتفاع يعكس هشاشة بعض العلاقات الزوجية وتأثير العوامل الاقتصادية والاجتماعية على استمراريتها، إضافة إلى تأثير التغيرات الثقافية في فهم الزواج وأدوار الزوجين داخل الأسرة.
كما شهدت ظاهرة تعدد الزوجات ارتفاعاً نسبياً من 3.1% عام 2023 إلى 3.3% في 2024، رغم أن النسبة العامة لا تتجاوز 4% هذا النمو النسبي يعكس تحولات اجتماعية تحتاج إلى متابعة دقيقة، تحديداً في ظل النقاشات المستمرة حول حقوق المرأة وقوانين الأحوال الشخصية والدور الاجتماعي والديني في توجيه هذه الظاهرة.
من جهة أخرى، تراجع معدل المواليد بشكل واضح خلال السنوات الخمس الأخيرة ليصل إلى 14 مولوداً لكل ألف نسمة. هذا الانخفاض متوافق مع السياسات الحكومية الرامية للحد من الزيادة السكانية، إلى جانب زيادة وعي الأسر بتكاليف التربية والتعليم وتأثيرها على حياة الأسرة الاقتصادية والاجتماعية.
تُظهر هذه البيانات أن المجتمع المصري يمر بمرحلة انتقالية مهمة، تعيد رسم خريطة الزواج والطلاق والإنجاب المؤشرات المسجلة تحتاج إلى تحليل اجتماعي أعمق، ووضع سياسات عامة قادرة على مواجهة آثار هذه التحولات المستقبلية، بهدف حماية الأسرة المصرية وتحقيق استقرارها الاجتماعي.
