زلزال سياسي في تل أبيب: عفو نتنياهو يهدد ما تبقى من النظام

2025.12.01 - 11:32
Facebook Share
طباعة

بعد الخطوة المفاجئة التي أقدم عليها بنيامين نتنياهو بطلب العفو من رئيس الدولة إسحاق هرتسوغ، تجد إسرائيل نفسها أمام أزمة ليست قانونية فقط، وانما أزمة في بنية الحكم ذاته. فطلب العفو يأتي في لحظة يواجه فيها نتنياهو اتهامات بالفساد من جهة، وملاحقة دولية بملف الإبادة الجماعية في غزة من جهة أخرى، ما يجعل محاولته الالتفاف على العدالة محاولة لإغلاق الملفات قبل أن تصل إلى خواتيمها.

مكتب الرئيس وصف الطلب بأنه غير مألوف ويحمل أبعادًا ثقيلة، وسط ضغوط سياسية من الداخل والخارج، ما يجعل قرار هرتسوغ اختبارًا لقدرته على الوقوف أمام نفوذ نتنياهو المتجذّر داخل مؤسسات الدولة.

معارضة تتهم نتنياهو بتهشيم ما تبقى من القانون:

الأحزاب الإسرائيلية المناهضة لنتنياهو رأت في طلب العفو إعلان هروب علني من العدالة. شخصيات سياسية مثل يائير لبيد ويائير غولان حذرت من أن قبول الطلب سيُسقط مبدأ المساواة أمام القانون، ويحوّل موقع رئاسة الحكومة إلى ملاذ آمن للفاسدين.

قوى المعارضة تربط بين استمرار نتنياهو في السلطة وبين حالة الاحتقان التي تعيشها إسرائيل منذ سنوات، معتبرة أن العفو سيمنحه سلطة بلا مساءلة، خصوصا أنّه يطلب إعفاءً كاملا دون اعتراف أو تحمل مسؤولية، ودون أن يغادر الحياة السياسية هذا ما دفع نفتالي بينيت للمطالبة بتنحيه، محذرا من أن الدولة تقترب من انهيار داخلي يشبه شرارة حرب أهلية.

ائتلاف حكومي يرفع الغطاء عن القانون:

على الجانب الآخر، التزم الائتلاف الحاكم بخط دفاعي صلب عن نتنياهو، مدّعيًا أنّه يتعرض لملاحقة سياسية وزراء الدفاع والمالية دعوا الرئيس لمنحه العفو فورًا، في موقف يهدف إلى حماية رئيس الحكومة لأسباب تتعلق ببقاء الائتلاف وليس بمبادئ العدالة.

الأزمة تعقّدت أكثر بعد تسريب رسالة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب يطالب فيها هرتسوغ بمنح نتنياهو عفوًا كاملا التدخل الأميركي فُهم على أنه محاولة لإنقاذ حليف سياسي مهدد بالسقوط، ما أثار ردود فعل غاضبة داخل إسرائيل، وزاد من حدّة الانقسام.

استخدام العفو كأداة للهروب من المحاسبة:

الصحفي الاستقصائي غيدي فايتس، الذي سبق أن فجّر ملفات الفساد ضد نتنياهو، وصف الطلب بأنه خطة للهروب من العدالة في مقاله بـ"هآرتس"، اتهم فايتس نتنياهو بمحاولة البقاء في السلطة بأي ثمن، حتى لو أدى ذلك إلى زعزعة الاستقرار الداخلي، محذّرًا من أنّ قبول العفو سيكافئ من مارس ضغوطًا على كل موظف ومسؤول شارك في التحقيق معه.

فايتس يرى أنّ نتنياهو لا يخطط لمغادرة المسرح السياسي، بل يستعد للعودة بقوة بهدف السيطرة على القضاء والإعلام، ما ينذر بانحدار خطير في طبيعة الحكم داخل إسرائيل.

لحظة توتر غير مسبوق:

الكاتبة السياسية موران أزولاي في "يديعوت أحرونوت" وصفت طلب العفو بأنه ضربة مفاجئة هزّت المؤسستين السياسية والقضائية، حتى مع التنسيق السابق مع إدارة ترامب. المؤسسات القانونية فوجئت بأن نتنياهو يتصرف من موقع الضعف، كأنه يلوّح بأن المعركة قد تنتهي بتسوية تُبقيه داخل اللعبة السياسية.

ترى أزولاي أنّ نتنياهو يطلب إعفاءً شاملًا دون مقابل، وقبل أن يواجه أي اختبار شعبي بعد أحداث 7 أكتوبر، ما يجعله كمن يحاول إغلاق الملفات قبل أن تتكشف نتائجها السياسية والشعبية.

وفي حال وافق الرئيس، سيحقق نتنياهو اختراقًا كبيرًا في صراعه مع القضاء أما إذا رفض، فسيطلق رئيس الحكومة حملة انتخابية هجومية ستعمّق الانقسام الداخلي وتحوّل الانتخابات المقبلة إلى معركة وجودية.

اقتراب انهيار داخلي:

الطلب الأخير فتح الباب أمام نقاش واسع حول مستقبل إسرائيل تحت قيادة نتنياهو. الأزمة الحالية لا تتعلق بملفات فساد فقط، بل بهيكل الحكم وبمدى قدرة الدولة على حماية مؤسساتها فاستمرار نتنياهو قد يعني بقاء دولة تتآكل من الداخل، فيما تزداد الضغوط الدولية عليها بسبب جرائم الحرب في غزة. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 7