رفع وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس منسوب التهديد تجاه لبنان، موجهًا رسائل مباشرة مفادها ضرورة نزع سلاح حزب الله قبل نهاية العام الجاري، محذرًا من أنه في حال عدم الالتزام، ستعود إسرائيل إلى "العمل العسكري". كما لوّح كاتس بمراجعة الاتفاق البحري مع لبنان، في خطوة أثارت تساؤلات حول أهداف تل أبيب الحقيقية.
وبحسب المراقبين، لا يمكن فصل توقيت تصريحات كاتس عن التصعيد السياسي الداخلي في إسرائيل والحراك الدبلوماسي الإقليمي، مما يفتح الباب لتكهنات حول ما إذا كانت تهديداته تمهيدًا لعمل عسكري فعلي أم مجرد ضغط سياسي انتخابي.
طابع انتخابي وضبابية الأهداف
يرى الخبير بالشؤون الإسرائيلية محمود يزبك أن تصريحات كاتس تحمل طابعًا انتخابيًا بحتًا، إذ يسعى الوزير إلى استعادة صورته داخل حزب الليكود بعد خسارته في الانتخابات الداخلية.
وأشار يزبك خلال حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر" إلى أن كاتس أعاد فجأة إثارة ملف الحدود البحرية بعد اتفاق لبنان وقبرص، على الرغم من أن اتفاق 2022 أصبح جزءًا من تفاهم دولي لا يمكن إلغاؤه بقرار أحادي.
وهدد كاتس بالعودة لما سماه "العمل بقوة كبيرة" في لبنان إذا لم تنزع الحكومة اللبنانية سلاح حزب الله قبل نهاية العام، كما لوّح بمراجعة الاتفاق البحري مع بيروت الذي وقعته مع نيقوسيا في 2022.
ويرى يزبك أن المهلة الزمنية التي منحها كاتس تُعد جزءًا من خلط متعمد للملفات بين اتفاق بحري منتهٍ وملف نزع سلاح حزب الله، بهدف تهيئة الرأي العام الإسرائيلي لاحتمال عملية عسكرية مستقبلية، في وقت يظل فيه الموقف العسكري الإسرائيلي غامضًا.
ثلاث احتمالات لتفسير التهديد
من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي اللبناني جوني منير أن تهديدات كاتس تشير إلى احتمال نية إسرائيل تنفيذ عملية عسكرية كبيرة.
ويشير منير إلى أن المهلة الزمنية تتوافق مع ما طرحه الموفدون الأميركيون بشأن جدية إسرائيل في تصعيد الوضع ما لم يحدث تقدم في ملف نزع السلاح قبل انتهاء المهلة.
أما تهديد كاتس بمراجعة الاتفاق البحري، فيراه منير خطوة أربكت الساحة اللبنانية، ويمكن تفسيرها بثلاث احتمالات رئيسية:
ضغط داخلي إسرائيلي لتعزيز موقف الوزير داخليًا.
تشويش مبكر على ملف الترسيم البري بين لبنان وإسرائيل.
دفع لبنان نحو مسار تفاوض سياسي أوسع قد يشمل خطوات في اتجاه التطبيع.
وكان لبنان وإسرائيل قد وقعوا اتفاقًا لترسيم حدودهما البحرية عام 2022 بوساطة أميركية، ليبقى سوريا الجار الوحيد الذي لم يُرسم لبنان حدوده البحرية معه بعد.
ويخلص منير إلى أن إسرائيل تقدم اليوم صورة مشوشة لما تريده فعليًا، لكنها تسعى في الواقع إلى تهيئة الذرائع للتصعيد العسكري في لبنان، خاصة أن المناخ الدولي أصبح يشمل ملفات أوسع من مجرد نزع سلاح حزب الله في جنوب نهر الليطاني ليطال كامل الأراضي اللبنانية. وإلا، تقول مصادره، فإن واشنطن قد تترك المجال لإسرائيل لتنفيذ عمليتها العسكرية مع نهاية العام.
موقف واشنطن من التصعيد
رغم اتفاق الإدارة الأميركية مع إسرائيل في جوهر المطالب المتعلقة بنزع سلاح حزب الله، يؤكد الباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمن الدولي كينيث كاتزمان وجود عقبات هائلة تمنع تحقيق هذا الهدف على الأرض.
ويشير كاتزمان إلى أن واشنطن تمنح بيروت مزيدًا من الوقت بدون ضغط مباشر، رغم قلقها من إعادة تسلح حزب الله.
ويعتقد كاتزمان أن واشنطن لن تسمح لإسرائيل بإلغاء الاتفاق البحري، لكنها في المقابل تضغط على لبنان لربط أي تقدم أمني أو حدودي بخطوات عملية تهدف إلى احتواء قوة حزب الله، لضمان التوازن في المنطقة.