نواف سلام: لبنان محاصر بين إسرائيل وحزب الله

2025.11.26 - 08:39
Facebook Share
طباعة

يتجه المشهد اللبناني نحو أزمة سياسية وأمنية متفاقمة، حيث تبدو معادلة نزع أسلحة حزب الله مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية عالقة في مأزق معقد، لا يملك أي طرف القدرة أو الاستعداد لكسره.
بعد مرور عام على وقف إطلاق النار، يظهر أنّ لبنان يعيش حالة غامضة تتأرجح بين هدوء معقد وتصعيد محتمل، فيما تعتمد تل أبيب على سياسة الضربات المستهدفة للحفاظ على ما تصفه بـ«الردع»، ويرفض حزب الله أي إجراء يمس قدراته العسكرية ما دام الاحتلال متواجدًا على الحدود.

يوضح هذا المأزق السياسي ضعف المبادرات الدولية ويكشف عن تحولات واضحة في موازين القوى الإقليمية، إذ توسع إسرائيل عملياتها الاستباقية، بينما تراجعت قدرة محور المقاومة على فرض شروطه السابقة، ويظل المدنيون يدفعون الثمن الأكبر على الخطوط الأمامية. تصريحات رئيس الحكومة نواف سلام لصحيفة «نيويورك تايمز» توضّح حجم التعقيد البنيوي الذي تواجهه الدولة، بين الضغوط الخارجية والواقع الداخلي المتأزم.

قال سلام إن المعضلة الأساسية تكمن في أنّ إسرائيل تشترط تفكيك قوة حزب الله قبل أي انسحاب، فيما يربط الحزب أي خطوة ميدانية بوجود القوات الإسرائيلية وأوضح أنّ وقف الأعمال العدائية وفق الصيغة الحالية أصبح مصدر إحباط للحكومة اللبنانية، خاصة في ظل تصاعد نفوذ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وزيادة المقاومة الدولية لممارسات الاحتلال.

ايضاً أشار نواف إلى أنّ إسرائيل كانت قد التزمت في الهدنة السابقة بالانسحاب خلال 60 يومًا، إلا أنّها بقيت متمركزة في خمس مواقع حدودية، ما أثار النقاش مرارًا مع المسؤولين الأميركيين المشرفين على آلية المراقبة، من دون تحقيق أي تقدّم ملموس وروى أنّه تلقّى اتصالًا من الآلية نفسها يؤكد عقد اجتماع ناجح، ثم تلقّى بعد نصف ساعة نبأ استشهاد خمسة مدنيين بينهم أطفال في ضربة إسرائيلية في بنت جبيل، مما يعكس هشاشة أدوات تثبيت الهدوء.

كذلك نقلت الصحيفة تصريحات السفير الأميركي توم باراك، الذي قال إن إسرائيل ستتدخل فورًا إذا شعرت بأي تهديد، موضحًا أنّ الضربات التي تستهدف قيادات حزب الله تُنفّذ مباشرة بعد رصدهم وأقرّ بأن نزع السلاح مهمة شديدة الصعوبة، لأن الحزب يحتفظ بتأييد شعبي واسع وقاعدة سياسية متينة، إضافة إلى قدراته العسكرية الكبيرة، فيما يعاني الجيش اللبناني من ضعف الإمكانيات والواقع الاقتصادي الصعب على جنوده.

تشير المعطيات إلى أنّ وقف إطلاق النار الفعلي بين إسرائيل وحزب الله تحوّل خلال العام الماضي إلى وضع غامض بين الحرب والسلم، إذ تتواصل الضربات الإسرائيلية بوتيرة شبه يومية، كان آخرها اغتيال أحد كبار القادة في بيروت، في مؤشر على استمرار حالة «السلام المتآكل».
ويرى المحللون أنّ هذه التجربة قد تكون نموذجًا للقطاع الفلسطيني، حيث ترفض حركة حماس التخلي عن سلاحها رغم استمرار القصف الإسرائيلي.

توضح الوقائع أنّ الحرب التي امتدت إلى لبنان بعد هجوم حماس عام 2023 خفت حدتها دون أن تتوقف، فيما ازدادت قدرة إسرائيل على ضرب أهداف في جبهات متعددة.
ويؤكد المراقبون أنّ العمليات الإسرائيلية في غزة ألحقت ضررًا واسعًا بصورة الدولة دوليًا، وعمّقت عزلة إسرائيل وزادت الانقسامات الداخلية، ما يجعل تحويل التفوق العسكري إلى أمن طويل الأمد مسألة غير مضمونة حيث تعتمد الحكومة الإسرائيلية النهج العسكري الواسع باعتباره قاعدة العمل الجديدة، لا الاستثناء.

يخلص التقرير إلى أنّ نزع سلاح حزب الله هدف صعب التحقيق، لأن الحزب يمتلك موارد مالية عبر شبكات تهريب وتجارات غير مشروعة، ويضم عشرات الآلاف من المقاتلين، ويستند إلى قاعدة اجتماعية متماسكة في مناطق نفوذه، خصوصًا الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث يبقى المزاج الشعبي رافضًا لأي إجراء يضعف قدرات الحزب، رغم الضغوط الاقتصادية والسياسية. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 9