خلفيات تأخر اختيار رئيس وزراء العراق: صراعات المحاصصة والتحديات السياسية

2025.11.21 - 02:04
Facebook Share
طباعة

تشكيل لجنة داخل "الإطار التنسيقي" لاختيار رئيس حكومة العراق كشف عن حجم التحديات العميقة التي تواجه العملية السياسية في البلاد
على الرغم من وضوح الهدف المعلن للجنة، وهو وضع معايير دقيقة لتقييم المرشحين، فإن الانقسامات داخل التحالف نفسه، والضغوط الداخلية والخارجية، تجعل من هذه المهمة اختبارًا صعبًا لقدرة القوى السياسية على تحقيق توافق حقيقي الاختلافات بين الكتل الشيعية داخل التحالف، والتباين في الأولويات بين الأحزاب السنية والكردية، تجعل من عملية اختيار رئيس الوزراء عملية معقدة، حيث يصبح الوصول إلى مرشح يحظى بقبول واسع أمرًا شبه مستحيل في ظل المناخ الحالي

اللجنة المكلفة بوضع المعايير تعكس الرغبة في منح العملية صبغة مهنية، تشمل النزاهة والخبرة السياسية والإدارية، والقدرة على التوافق مع جميع الأطراف، والالتزام بإصلاحات عاجلة على الصعد الاقتصادية والأمنية والخدمية.
مع ذلك، يبقى الواقع السياسي العراقي مشبعًا بالمصالح الحزبية والمحاصصات التقليدية، مما يثير المخاوف من أن تتحول العملية إلى مجرد توزيع للمناصب بدل أن تكون اختيارًا على أساس الكفاءة والخبرة ويؤكد خبراء سياسيون أنّ هذه المخاوف حقيقية، إذ إن تقزيم رئاسة الوزراء إلى وظيفة سياسية روتينية دون اعتبار للإرادة الشعبية سيضعف الثقة بالنظام السياسي ويزيد من الأزمات المتكررة في المستقبل.

كما أن للضغوط الخارجية دور في تشكيل موازين القوى داخل العراق، خصوصًا مع متابعة دولية دقيقة لمسار الحكومة الجديدة، ما يزيد من تعقيد المهمة ويضيف بعدًا حساسًا للخيارات التي تتخذها اللجنة. في المقابل، يرى بعض المراقبين أن اللجنة تمثل فرصة لإعادة صياغة العملية السياسية ضمن إطار شفاف وموضوعي، حيث يمكن أن تصبح المعايير المحددة خطوة مهمة نحو استعادة ثقة المواطن العراقي بالدولة ومؤسساتها.
ومع ذلك، النجاح لن يكون ممكنًا إلا إذا أولت الأطراف السياسية الأولوية لكفاءة المرشح وقدرته على إدارة الدولة على نحو يحقق الاستقرار، بعيدًا عن الحسابات الضيقة، ويوازن بين المصالح الوطنية والمكونات كافة، وهو اختبار صعب في ظل واقع سياسي هش ومليء بالتحديات الاقتصادية والأمنية والسياسية.

في هذا السياق، تبقى الشكوك قائمة حول قدرة "الإطار التنسيقي" على تجاوز الانقسامات الداخلية، والضغط الحزبي، وضمان شفافية حقيقية في اختيار رئيس الوزراء، خصوصًا وأن أي إخفاق في هذه المرحلة سيؤدي إلى تعميق أزمة الثقة بين الشعب والحكومة، ويهدد قدرة الدولة على إدارة الملفات الحيوية في مرحلة حرجة من تاريخ العراق الحديث. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 4