تتصاعد الأزمة الإنسانية في السودان خصوصاً في إقليم كردفان، وسط موجات نزوح كبيرة ناجمة عن الصراع المستمر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ مايو/أيار الماضي.
مدينة الأبيض التي كانت تُعد مركزًا تاريخيًا للإقليم تحولت إلى أكبر مركز إيواء للنازحين، حيث تجاوز عددهم 550 ألف نازح، أي أكثر من ضعف طاقة استيعاب المدينة.
النازحون، معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن، يعيشون في ظروف مأساوية داخل مخيمات بدائية وخيام مهترئة أو في بنايات غير مكتملة، محرومين من المواد الغذائية الأساسية ومياه الشرب والرعاية الطبية والتعليمية.
تفاقمت الأزمة بسبب انعدام الأمن الغذائي بعد تدمير الأراضي الزراعية في مناطق النزاع، مع استمرار تدفق مزيد من النازحين يوميًا، ما يجعل الموارد القليلة المتاحة عاجزة عن تلبية الاحتياجات الأساسية. الحصص الغذائية غير منتظمة، والأدوية نادرة وتباع غالبًا في السوق السوداء، ما يزيد من خطورة انتشار الأمراض بين السكان الأكثر ضعفًا.
الأوضاع المأساوية لا تقتصر على النازحين، بل تمتد تأثيراتها إلى المجتمعات المضيفة، التي تكافح لتوفير الموارد والخدمات في ظل ضغط هائل على البنية التحتية المحلية.
الأطفال محرومون من التعليم، والنساء يفتقدن الخصوصية والرعاية الصحية الضرورية، بينما تستمر المواجهات العسكرية في محيط الأبيض، ما يزيد من حجم المخاطر على المدنيين ويحد من قدرة المنظمات الإنسانية على تقديم الدعم الفوري.
تُظهر تحذيرات الأمم المتحدة استمرار تفاقم الوضع الغذائي في الإقليم، حيث صنفت لجنة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أجزاءً من كردفان على أنها تعاني من المجاعة، مع توقع تمدد الأزمة إلى مناطق أخرى حتى مطلع العام المقبل. وتأتي هذه التحذيرات وسط تجدد الاشتباكات العسكرية، وتهديد قوات الدعم السريع بالسيطرة على المزيد من المدن، ما يجعل الحاجة إلى تدخل عاجل لتوفير الغذاء والماء والرعاية الصحية ضرورة قصوى لإنقاذ حياة مئات الآلاف.
الأزمة في الأبيض تبرز مدى هشاشة القدرة الحكومية والمجتمعية على مواجهة الكوارث الإنسانية المتزامنة مع النزاع المسلح، وتؤكد أن أي تأخير في تقديم المساعدات سيضاعف حجم المأساة ويهدد حياة آلاف المدنيين الأبرياء في الإقليم.