يشهد الأسبوع الجاري سلسلة من التطورات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية الهامة في لبنان، وسط استمرار أزمات متشابكة تشمل الاستحقاقات الانتخابية والتوترات على الحدود الجنوبية، إضافة إلى تحركات اقتصادية سعودية تستهدف دعم الاقتصاد اللبناني وإعادة الثقة للمستثمرين.
الأزمة الانتخابية ومأزق المغتربين:
تتصدر أزمة الانتخابات النيابية اللبنانية المشهد الداخلي، خصوصًا فيما يتعلق بتصويت المغتربين الذي بات يمثل "لغماً جاهزاً للانفجار" رئيس مجلس النواب نبيه بري أكد أمام مجلس نقابة محرري الصحافة اللبنانية أن الانتخابات ستجري في موعدها، نافياً أي إمكانية لتأجيلها، لكنه انتقد الحكومة لعدم التزامها بقرارات اللجان المكلفة بوضع مشروع قانون انتخابي، ما يعكس التأخر في حسم ملف تسجيل الناخبين المغتربين الذي تنتهي مهلته الخميس المقبل.
وأشار بري إلى أن البعض يسعى منذ أكثر من 12 سنة للتأثير على الوضع اللبناني عبر الولايات المتحدة، مشدداً على ضرورة الوحدة الوطنية لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية وأضاف أن علاقته بالمملكة العربية السعودية لم تنقطع، مؤكداً أن لبنان يظل بلد كل العرب، وأن لا خوف من فتنة داخلية في ظل هذه الوحدة.
التوتر على الحدود الجنوبية مع إسرائيل:
في الجانب الأمني والدبلوماسي، طلب الرئيس اللبناني جوزف عون من وزير الخارجية يوسف رجي تقديم شكوى عاجلة لمجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل، بعد قيامها ببناء جدار إسمنتي على الحدود الجنوبية اللبنانية يتجاوز الخط الأزرق الذي حدده الانسحاب الإسرائيلي عام 2000.
التقارير الدولية، بما في ذلك تقارير قوة "اليونيفيل"، أكدت أن الجدار منع السكان من الوصول إلى مساحة تزيد على 4 آلاف متر مربع، وأن استمرار البناء يشكل انتهاكاً لقرار مجلس الأمن رقم 1701.
التحركات الاقتصادية السعودية ومؤتمر الاستثمار:
يحظى انعقاد مؤتمر الاستثمار في بيروت، المزمع يوم الثلاثاء المقبل، بمشاركة سعودية، باهتمام اقتصادي واسع، إذ يُنظر إليه كإشارة أولية لدعم المملكة للإصلاحات اللبنانية وتسهيل الصادرات إلى المملكة وزير الاقتصاد والتجارة عامر البساط وصف المؤتمر بأنه بداية طريق إيجابية لكسر الجمود وربط لبنان اقتصاديًا بمحيطه العربي ومغتربيه، معتبراً أن وجود السعوديين في المؤتمر يعكس اهتماماً حقيقياً بإعادة تحفيز الاستثمار في لبنان.
الإجراءات المالية الجديدة:
تزامنت التحضيرات للمؤتمر مع إجراءات مالية جديدة أطلقها مصرف لبنان لتشديد الرقابة على التحويلات المالية.
المواقف السياسية الداخلية:
على المستوى السياسي الداخلي، تابع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل جولاته في المناطق، مؤكداً على ضرورة الانفتاح وعدم الانعزال، وضرورة الحفاظ على وحدة لبنان ومناطق البقاع.
وفي المقابل، الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط انتقد الوفود اللبنانية التي تزور واشنطن، معتبرًا أن تحركاتها لا تعكس واقع العدوان اليومي والتحديات الداخلية، مثل السجون المكتظة والمشكلات الصحية والانتحار.
الأسبوع الجاري يمثل مفصلاً للبنان على عدة مستويات: داخلياً مع استمرار الانتخابات والمغتربين، ودبلوماسياً مع التوترات على الحدود الجنوبية، واقتصادياً مع تحركات سعودية داعمة لإعادة الثقة والاستثمار. جميع هذه التطورات تضع لبنان أمام اختبار حقيقي لقدرته على إدارة أزماته المتشابكة، وتؤكد أهمية الوحدة الوطنية والتنسيق الداخلي لمواجهة التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية.