ما وراء مبادرة الرباعية الدولية لحسم الأزمة السودانية

2025.11.16 - 02:13
Facebook Share
طباعة

أطلقت الرباعية الدولية، التي تضم الولايات المتحدة ومصر والسعودية والإمارات، جولة مفاوضات مع وفدَي الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في واشنطن لمناقشة خطة لحل الأزمة في السودان.
تسعى هذه المبادرة إلى وضع آلية عملية لوقف إطلاق النار وبناء مفاوضات سياسية داخلية تؤدي إلى حكم مدني توافقي، في ظل تصاعد الصراعات المسلحة وسيطرة قوات الدعم السريع على بعض المدن، مما أدى إلى نزوح واسع وارتفاع الاحتياجات الإنسانية.

تتضمن المبادرة هدنة إنسانية مدتها ثلاثة أشهر لتأمين وصول المساعدات إلى السكان المدنيين، يليها مرحلة انتقال سياسي مؤقتة تستمر تسعة أشهر لتشكيل حكومة مدنية شرعية تحظى بثقة المواطنين. تهدف الرباعية الدولية من خلال هذه الخطوة إلى استقرار السودان، الذي يشكل استمرار الفوضى فيه تهديدًا مباشرًا لأمن منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر، كما يرتبط بالسباق الدولي بين القوى الكبرى على النفوذ والموارد.

إمكانيات نجاح المبادرة تواجه عدة عوامل تحد من فعاليتها. أولها موقف مجلس السيادة، الذي يرفض قبول أي مجلس سلام أو حكومة مدنية قد يُنظر إليها على أنها غير مقبولة من القوى المحلية، ويتمسك بالإشراف على العملية السياسية رغم دعوة الرباعية لعدم خضوع الحكم لأي طرف متحارب. ثانيها، الأوضاع الميدانية التي ما زالت مضطربة مع استمرار القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، ما يقلل من فرص التفاوض وتطبيق الاتفاقات. ثالثها، المخاوف من الهيمنة الخارجية، إذ تخشى بعض القوى السياسية أن تؤدي التسوية إلى تعزيز نفوذ القوى الإقليمية والدولية على السودان بما يقوض الوحدة الوطنية.

تتراوح السيناريوهات المحتملة لحل الأزمة بين استمرار الحرب، حيث يؤدي غياب الثقة إلى تصاعد النزاعات وتفكك مؤسسات الدولة، وتحول السودان إلى ساحة لتنافس القوى الخارجية؛ أو تحقيق توازن هش بين الضغوط الدولية والمصالح الوطنية عبر المبادرة، مع بقاء إمكانية الانزلاق إلى التصعيد العسكري في حال حدوث خروقات؛ أو فرض التسوية عبر توافق داخلي بين المكونات العسكرية والمدنية والقبلية، ما يتيح إقامة نظام سياسي جديد يؤسس لشرعية مدنية حقيقية.

تعتبر المبادرة قوة دفع أساسية للحل السلمي في السودان، إذ توفر إطارًا دوليًا ودعمًا من دول ذات ثقَل ويعتمد نجاحها على استعداد الأطراف السودانية لقبول صيغة تجمع بين الضمانات الدولية والمصالحة الوطنية، ما قد يمهد الطريق لإعادة بناء الدولة واستعادة استقرارها. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 7