حصاد الزيتون في الجنوب اللبناني: تحدٍ ضد التهديدات الجوية
واصل أهالي القرى الحدودية الجنوبية اللبنانية جمع محصول الزيتون هذا الموسم وسط ظروف صعبة، حيث ترافق الحصاد أصوات الغارات والطائرات المسيّرة، رغم مطالب قوات الاحتلال الإسرائيلي بتقديم طلبات مسبقة تشمل أسماء المزارعين والمرافقين لهم وعدد الأيام المخصصة لقطاف المحاصيل.
بعد عامين من حرمان المزارعين من الوصول إلى أراضيهم نتيجة الحرب الإسرائيلية، تضررت العديد من الحقول وأشجار الزيتون بشكل كبير.
نظمت البلديات المحلية بالتعاون مع الجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "يونيفيل" وصول المزارعين إلى أراضيهم، لضمان استصلاح الحقول وتحضيرها للقطاف، وتسهيل العملية رغم القيود الأمنية المفروضة على القرى الحدودية.
رفض الأهالي تقديم تفاصيل كاملة عن مواقعهم وعدد المشاركين في عملية الحصاد، معتبرين أن ذلك يمثل انتهاكًا لحقهم في أراضيهم.
تقدر نسبة الحقول المتضررة في القرى الحدودية الجنوبية بنحو 30% نتيجة التجريف والحرق والقصف، وخاصة الأراضي القريبة من الخط الأزرق الفاصل بين لبنان والأراضي المحتلة. رغم المخاطر الكبيرة، تمكن المزارعون بمواكبة الجيش و"يونيفيل" من جمع ما تبقى من محصول الزيتون.
سجل الإنتاج هذا العام انخفاضًا مقارنة بالسنوات السابقة بسبب الأضرار التي لحقت بالأشجار والبنى الزراعية.
كشفت الدراسات التقييمية الصادرة عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة ووزارة الزراعة اللبنانية أن أكثر من 800 هكتار من الزيتون تعرض للاحتراق، مع خسائر مالية تصل إلى نحو 237 مليون دولار، إضافة إلى أضرار أخرى تقدر بـ12 مليون دولار في الأشجار. تركزت الخسائر في مناطق الجنوب والبقاع، مع فقدان أكثر من 56 ألف شجرة زيتون، بينها أشجار تاريخية يزيد عمر بعضها عن 150 عامًا.
على الرغم من هذه الخسائر، يصر المزارعون على جمع محصولهم والتمسك بحقهم في أراضيهم، معتبرين الزيتون رمزًا لتراثهم وتاريخهم في المنطقة. شدد المسؤولون المحليون على ضرورة دعم الدولة اللبنانية والمجتمع الدولي للمزارعين لضمان استمرارهم في الأرض وحماية ممتلكاتهم، مع توفير تعويضات عاجلة للأضرار التي لحقت بمحاصيل الزيتون والبنى الزراعية.
يمثل موسم هذا العام اختبارًا لصمود المزارعين أمام التحديات الأمنية والاقتصادية، ويمثل تحديًا للسلطات اللبنانية لتأمين وصولهم إلى أراضيهم وحماية مواردهم الزراعية الحيوية.
