في أعماق رفح جنوب قطاع غزة، لا تزال الحرب بعيدة عن نهايتها رغم الهدنة القائمة منذ نحو شهر، حيث يبقى العشرات من مقاتلي حركة حماس محاصرين داخل شبكة الأنفاق خلف خطوط الجيش الإسرائيلي، فيما تحاول أطراف عدة إيجاد حل يضمن استمرار الهدنة دون تصعيد جديد.
ويعد هذا الملف قضية دبلوماسية حساسة لا تقتصر على الميدان، إذ يتعلق بنحو 200 مقاتل من حماس محاصرين في الأنفاق منذ تقسيم الهدنة للقطاع على طول ما يعرف بـ"الخط الأصفر". ويشكل وجود هذه الخلايا المحصنة تحت الأرض تحدياً إضافياً للمرحلة الثانية من الهدنة، التي تشمل تشكيل قوة أمنية دولية، ونزع سلاح حماس، واستكمال انسحاب القوات الإسرائيلية من مناطق محددة.
أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عدم السماح لمقاتلي حماس بالخروج من الأنفاق والعودة إلى مناطق الحركة، في حين شددت حماس على أن مقاتليها لن يستسلموا أو يسلموا أسلحتهم، مما يزيد تعقيد الملف ويضع الوسطاء أمام خيارات محدودة وصعبة.
ونقلت وسائل إعلام دولية عن مصادر إسرائيلية أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تضغط على إسرائيل لإيجاد مخرج عملي للقضية، مع تسليط الضوء على دور صهر الرئيس الأميركي ومبعوثه جاريد كوشنر، الذي ناقش الملف مع نتنياهو خلال اجتماعاته الأخيرة ويهدف الضغط الأميركي إلى الانتقال إلى المرحلة التالية من الهدنة وإغلاق ملف معتقلي رفح، من دون التوصل إلى اتفاق محدد حتى الآن.
من بين الخيارات المطروحة، ترحيل المقاتلين إلى دولة ثالثة، وكانت تركيا أحد الاحتمالات، لكن لم يتم التوصل إلى أي اتفاق بهذا الخصوص.
وفي الوقت نفسه، يواجه نتنياهو ضغوطاً داخلية من اليمين الإسرائيلي لرفض أي حل قد يُنظر إليه على أنه تنازل لحماس، فيما شدد مسؤولون سابقون على أن الخيارات أمام المقاتلين محدودة بين الاستسلام أو الموت.
وفق الخطة الأميركية، يمكن منح هؤلاء المقاتلين عفواً إذا سلّموا أسلحتهم وتعهدوا بالتعايش السلمي، إلا أن أي خطوة عملية لم تُعلن بعد، ويبقى الملف معلقاً بين الأطراف المعنية، وسط مخاوف متزايدة من تجدد المواجهات وتأثيرها على المدنيين في القطاع، الذين ما زالوا يعيشون في مناطق متضررة من القتال السابق ويواجهون صعوبة في تأمين احتياجاتهم الأساسية.