وراء الكواليس.. ماذا تكشف وثائق الكونغرس عن الشبكة المعقّدة التي ربطت جيفري إبستين بالنخب العالمية؟

2025.11.15 - 03:58
Facebook Share
طباعة

جيفري إبستين، الاسم الذي تحوّل إلى رمز للفضائح الجنسية وشبكات النفوذ العابرة للحدود، يعود اليوم إلى واجهة المشهد السياسي والإعلامي في الولايات المتحدة بعد نشر الكونغرس دفعة جديدة من الوثائق والمراسلات الخاصة بحياته وعلاقاته خلال السنوات التي أعقبت إدانته عام 2008.

تكشف الوثائق، التي حصلت عليها "واشنطن بوست"، عن شبكة واسعة من التواصل بين إبستين وشخصيات سياسية واقتصادية وإعلامية بارزة، بعضها ظلّ على اتصال به حتى قبل أشهر قليلة من اعتقاله عام 2019. والأهم أنّ هذه المراسلات تكسر السردية الرسمية التي روّجت بأن إبستين أصبح "منبوذا" بعد إدانته، بينما تشير الأدلة إلى العكس تماماً: تحرك نشط، وعلاقات ممتدة، ونفوذ ظل قائماً في الخفاء.


ستيف بانون — العلاقة التي استمرّت حتى اللحظات الأخيرة

وفق الوثائق، حافظ إبستين على تواصل منتظم مع ستيف بانون، المستشار الاستراتيجي الأبرز في حملة ترامب ثم في البيت الأبيض.
وتظهر الرسائل:

عروض متكررة من إبستين لتوفير طائرة خاصة لنقل بانون إلى باريس.

إقامة بانون فعلياً في منزل إبستين في ربيع 2019.

مراسلات تضمنت نصائح سياسية حول كيفية التعامل مع القادة الأوروبيين.


إحدى الرسائل يقول فيها إبستين لبانون:
"أوروبا تحتاج إلى حضور وجهًا لوجه… لا يمكن إدارتها عن بعد."

هذه العلاقة — التي تواصلت بعد خروج بانون من البيت الأبيض — تطرح أسئلة حول الدور الذي لعبه إبستين كمستشار غير رسمي لدى بعض دوائر صنع القرار في واشنطن.


لاري سامرز — نفوذ أكاديمي ومالي يتجاوز هارفارد

تسجّل الوثائق تواصلاً مستمراً بين إبستين ولاري سامرز، وزير الخزانة الأمريكي السابق ورئيس جامعة هارفارد سابقاً.
وتكشف الرسائل:

محادثات تمتد لعامين.

نقاشات حول التصويت المصنف وقضايا مالية.

أحاديث شخصية حول مشكلات في حياة سامرز.


العلاقة بين الرجلين ليست جديدة؛ فقد دعم إبستين مشروعات بحثية في هارفارد بمبالغ كبيرة، رغم سمعته الملوّثة. لكن استمرار هذا التواصل لما بعد 2008 يعمّق الأسئلة حول تأثير إبستين في بعض مراكز القوة الأكاديمية والمالية.


إيهود باراك — رئيس وزراء إسرائيل السابق على لائحة التواصل

تعود مراسلات إبستين مع إيهود باراك إلى عام 2013، أي بعد سنوات من الإدانة.
وتتكرر في سجلّات التحقيقات إشارات إلى علاقة عميقة بين الرجلين، بينها:

زيارات متبادلة لممتلكات إبستين.

استثمارات مشتركة في مشروعات غامضة.


وتضيف الوثائق الجديدة طبقة أخرى على هذه العلاقة، التي كثيراً ما أثارت جَدَلاً داخل إسرائيل حول دور إبستين في تمويلات سياسية وأمنية.


توم بريتزكر — دفاتر العائلة السياسية والمالية

تتضمن الوثائق مراسلات بين إبستين والملياردير توم بريتزكر، أحد أبرز رجال الأعمال في شيكاغو وعضو عائلة بريتزكر المعروفة بنفوذها الاقتصادي والسياسي.

تكشف الوثائق أن:

بريتزكر ناقش مع إبستين ملفات تخص قريبته بِني بريتزكر.

المراسلات تزامنت مع ترشيحها لتولي حقيبة التجارة في إدارة أوباما.


السؤال الذي تفتح الوثائق الباب أمامه:
هل كان إبستين يستخدم علاقاته لتسهيل مسارات سياسية لهذا الطرف أو ذاك؟


مايكل وولف — الصحفي الذي استعان بإبستين لـ"إدارة" مصادره

تظهر المراسلات أن مايكل وولف، صاحب كتاب "Fire and Fury" الذي هزّ إدارة ترامب، كان يعتمد على إبستين كمصدر في بعض المعلومات.

وتكشف إحدى الرسائل مقترحاً من وولف حول أسئلة صحفية تتعلق بترامب، قائلاً:
"دعْه يشنق نفسه."

هذه العلاقة تعيد أسئلة قديمة حول الدور الذي لعبه إبستين في توجيه تسريبات إعلامية أو التأثير في سرديات الصحافة الأمريكية.


كاثرين روملر — المستشارة القانونية للبيت الأبيض في عهد أوباما

تتضمّن الوثائق مراسلات مع كاثرين روملر، التي طرحت حينها كاسم محتمل لمنصب النائب العام.
وتُظهر الرسائل:

مناقشات مهنية.

ترتيبات لقاءات محتملة.

تواصل قائم حتى بعد خروجها من البيت الأبيض.


ورغم ندمها لاحقاً، إلا أن علاقتها بإبستين تفتح أسئلة حول مدى اختراقه للمؤسسات القانونية في واشنطن.


ديباك شوبرا وتوم باراك — الوجه الروحي والوجه الدبلوماسي

تتضمن الوثائق كذلك:

رسائل من الكاتب الروحي ديباك شوبرا حول قضايا نفسية وروحية.

مراسلات مع رجل الأعمال توم باراك، الذي شغل منصب سفير الولايات المتحدة في تركيا.


هذه العلاقات المتعددة — بين رجال روحانيين، وسياسيين، وماليين — تعكس الطبيعة الشبكية لإبستين وقدرته على التنقل بين دوائر متباينة دون عوائق تُذكر.

 


ردود الفعل الرسمية والإعلامية

البيت الأبيض

قلّل من أهمية الوثائق، قائلاً:
"هذه الرسائل لا تثبت شيئاً."

مايكل وولف

اعترف بأن المراسلات "محرجة" لكنه قال إنها كانت "ضمن سياق تمثيلي" للحصول على معلومات.

لكنّ هذه الردود لا ينفي حقيقة واحدة:
الوثائق تكشف عن شبكة نفوذ ظلّت تعمل لسنوات، رغم الإدانة ورغم فضائح إبستين.


شبكة ظلّ لا تزال بلا إجابات

ما تكشفه الوثائق لا يقتصر على أسماء ارتبطت بإبستين؛ بل يكشف عن بنية كاملة من النفوذ المالي والسياسي والإعلامي التي سمحت لرجل مدان بجرائم جنسية أن يحتفظ بمكانة داخل دوائر السلطة العالمية حتى لحظات سقوطه الأخير.

وهذه الوثائق، رغم أهميتها، ليست سوى جزء من الصورة.
السؤال الأكبر الذي يبقى بلا إجابة:

كيف تمكن إبستين من الحفاظ على موقعه داخل النخبة الأميركية والعالمية رغم كل شيء؟
وهل كانت علاقاته مجرد صداقات شخصية… أم جزءاً من منظومة نفوذ عابرة للحدود ما تزال أطرافها محمية حتى اليوم؟ 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 8