تزايدت وتيرة التحركات الإقليمية والدولية مع زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إلى بورتسودان، المقر المؤقت للحكومة السودانية، ضمن مبادرة تسعى إلى إقرار هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر تمهيداً لوقف شامل لإطلاق النار. الزيارة تمثل خطوة جديدة في إطار جهود "الرباعية" التي تضم مصر والسعودية والإمارات والولايات المتحدة، الهادفة إلى تهدئة الصراع وتهيئة الأجواء لعودة الحوار السياسي بإشراف الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.
تركز القاهرة في تحركاتها الأخيرة على تقريب المواقف بين الأطراف المتنازعة وفتح ممرات إنسانية جديدة تساعد على تخفيف معاناة المدنيين. يرى مراقبون أن مصر تحاول ترسيخ موقعها طرفاً وسيطاً مقبولاً في أي تسوية محتملة، اعتماداً على علاقاتها المتوازنة مع القوى الإقليمية والدول المجاورة للسودان، بما في ذلك دول الخليج وتركيا، إضافة إلى خبرتها الطويلة في إدارة الملف السوداني.
الزيارة حملت أيضاً أبعاداً اقتصادية وسياسية تتصل بموقع بورتسودان الذي أصبح العاصمة الإدارية والاقتصادية الفعلية للبلاد منذ اندلاع الحرب. فمصر تعد من أبرز الشركاء التجاريين للسودان، وتسعى لتأمين مصالحها في البحر الأحمر وتوسيع شبكات النقل والتجارة في ظل تراجع النشاط البري بين البلدين بسبب الاضطرابات المستمرة.
في المقابل، تحاول القاهرة توظيف حضورها الدبلوماسي لدعم جهود إغاثة المدنيين وتثبيت الهدوء الميداني، مع الحرص على ألا تتحول الأزمة السودانية إلى ساحة استقطاب إقليمي جديد وتشير التطورات الميدانية في ولايات دارفور وكردفان إلى أن الحرب لم تصل بعد إلى مرحلة الحسم، ما يعزز أهمية المسار السياسي كخيار وحيد لإنهاء النزاع.
التحركات الحالية تبرز سعي الأطراف الإقليمية إلى منع اتساع رقعة الصراع وضمان بقاء السودان ضمن منظومة الاستقرار في المنطقة وبينما يواجه السودان تحديات إنسانية وأمنية متفاقمة، يبقى نجاح الجهود الدبلوماسية رهناً بقدرة القوى الداخلية على تغليب منطق التفاوض وتقديم تنازلات تفتح الطريق أمام تسوية شاملة تضع حداً للحرب وتعيد بناء مؤسسات الدولة.