ما وراء صناديق الاقتراع العراقية: أسباب التعقيد السياسي وتحديات التحالفات المقبلة
أنهى العراق ماراثون الانتخابات التشريعية بعد أسابيع طويلة من المنافسة الحادة بين الأحزاب والقوى السياسية المختلفة، في مشهد يعكس تعقيد المشهد السياسي العراقي وامتداد الصراعات التقليدية بين المكونات المختلفة وأغلقت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات صناديق الاقتراع في كافة المحافظات، وسط متابعة دقيقة للتصويت والإشراف على سير العملية الانتخابية.
ورغم تسجيل حالات تأخر في بعض المراكز، تدخلت الفرق الفنية بسرعة لمعالجتها، فيما لم تُسجَّل أي خروقات أمنية مؤثرة.
امتدت عملية الاقتراع على أكثر من 8700 مركز انتخابي يضم 39 ألف محطة في عموم العراق، وبدأت عملية العد والفرز اليدوي مباشرة بعد إغلاق الصناديق وأكدت المفوضية أن العملية جرت بانسيابية، وأن جميع الفرق الميدانية عملت بشكل منتظم، دون ملاحظات فنية أو تنظيمية جوهرية، مع حق وكلاء الأحزاب السياسية في الاطلاع على النتائج وتقديم الشكاوى في حال رصد أي مخالفات.
على الرغم من انتظام العملية الانتخابية، لوحظت مشاركة محدودة مقارنة بالتوقعات، وهو ما يعكس مؤشرات على عزوف جزئي بسبب تراكم الإحباط الشعبي من غياب الإصلاحات وتدهور الخدمات واستمرار نفوذ السلاح خارج الدولة وحثّت المساجد والمجتمع المدني المواطنين على المشاركة باعتبارها مسؤولية وطنية.
مع انتهاء الانتخابات، تدخل حكومة رئيس الوزراء مرحلة تصريف الأعمال وفق السياق الدستوري إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة، وهو ما يطرح تحديات عاجلة في بناء التحالفات والكتل النيابية لضمان تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات والتوازنات الجديدة وتظل التساؤلات الكبرى حول تأثير مقاطعة التيار الصدري على المشهد البرلماني الجديد ونجاح القوى السياسية الأخرى في ملء الفراغ الذي خلفه، وتشكيل تحالفات قادرة على صوغ أغلبية واضحة داخل البرلمان.
المجتمع الدولي يراقب عن كثب مدى قبول القوى السياسية بالنتائج والالتزام بالمسار الديمقراطي، وأي تأخير في تشكيل الحكومة قد يفاقم الأزمات الاقتصادية والخدمية والأمنية ويجمع المراقبون على أن الانتخابات تشكل منعطفًا حساسًا، خصوصًا في ظل تغيّرات المزاج الشعبي، وأن المرحلة المقبلة ستتطلب تعاونًا بين القوى السياسية لبناء حكومة قادرة على تهدئة التوترات وتلبية تطلعات المواطنين في ظل ظروف اقتصادية وأمنية معقدة.
