عشرة أعوام من التدخل الروسي في سوريا: سجل الانتهاكات ومسؤوليات العدالة

2025.11.09 - 05:22
Facebook Share
طباعة

 توافق الذكرى العاشرة للتدخل العسكري الروسي في سوريا، الممتد من 30 سبتمبر/أيلول 2015 حتى سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، فرصةً لإعادة تقييم سجل الانتهاكات التي ارتكبت خلال هذه الحقبة وتحليل أثرها على الصراع السوري والمجتمع المدني.

الشبكة السورية لحقوق الإنسان وثقت بدقة نمطًا واسعًا ومنهجيًا من الانتهاكات التي غيرت مسار الصراع جذريًا، وأكدت التحيز الكامل للجهة الأجنبية لصالح نظام الأسد ضد مطالب الانتفاضة الشعبية بالحرية والعدالة والانتقال السياسي.


الانتهاكات الممنهجة والآثار المباشرة
تُظهر الوثائق أن القوات الروسية ارتكبت انتهاكات تتجاوز الأعمال العسكرية المشروعة، بما في ذلك القتل المتعمد للمدنيين. فقد سُجلت 6993 حالة وفاة، مع نسبة مرتفعة من النساء والأطفال، ما يشير إلى استهداف ممنهج لمناطق مأهولة.

وكانت السنة الأولى من التدخل الأكثر دموية، إذ قُتل خلالها 3564 مدنيًا، بينهم 1029 طفلًا و404 نساء، ما يعكس سياسة متعمدة لتعظيم الأثر على السكان المدنيين لتحقيق أهداف استراتيجية.

كما امتدت الهجمات لتشمل البنية التحتية المدنية، مع توثيق 1262 هجومًا على مرافق حيوية، بينها 224 مدرسة و217 منشأة طبية و61 سوقًا، بالإضافة إلى قتل 70 من العاملين في الرعاية الصحية و24 من الصحفيين، في محاولة لإسكات الشهود وتعطيل الخدمات الأساسية.

وقد وثقت الشبكة 363 مجزرة، منها 172 مجزرة في السنة الأولى وحدها، غالبًا على شكل هجمات عشوائية أو غير متناسبة، مما يشكل خرقًا صارخًا لمبادئ القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك استخدام أسلحة محظورة دوليًا كالذخائر العنقودية.


الالتزامات القانونية والمساءلة
تشكل الانتهاكات الروسية في سوريا خروقات جسيمة للقانون الدولي الإنساني ولحقوق الإنسان، ويُعد كثير منها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

تترتب على هذه الانتهاكات مسؤوليات جنائية فردية تشمل المنفذين المباشرين والقادة العسكريين والسياسيين الذين خططوا أو أمروا بهذه الهجمات، وفق مبدأ مسؤولية القيادة. كما تتحمل الدولة مسؤولية الأفعال غير القانونية دوليًا، خاصة في ظل دعم روسيا المستمر لنظام الأسد واستخدامها المتكرر لحق النقض في مجلس الأمن لإحباط أي مساءلة دولية.

وتتطلب العدالة الدولية تقديم برامج شاملة للتعويض، تشمل إعادة بناء البنى التحتية الحيوية والخدمات الأساسية، مع ضمانات لمنع تكرار الانتهاكات، بما يعكس التزامًا طويل الأمد بمعالجة الضرر البنيوي الذي لحق بالمجتمع السوري.


معايير أي تطبيع مستقبلي للعلاقات
لا يمكن لأي مسار نحو تطبيع العلاقات مع روسيا أن يمر دون أساس صلب من العدالة الانتقالية. ويجب أن يشمل إطار أي تعاون مستقبلي:
آليات لتقصي الحقائق وإنشاء سجل شامل للانتهاكات.
ملاحقات جنائية للمسؤولين عن أخطر الجرائم.
برامج جبر تعالج الأضرار الفردية والجماعية.
إصلاحات مؤسسية لضمان عدم تكرار الانتهاكات.

وتُعد أعمال التوثيق المستمرة للشبكة السورية لحقوق الإنسان على مدى أربعة عشر عامًا، على الرغم من الحملات الروسية لتشويهها، حجر الزاوية لأي عملية سلام عادلة ومستدامة.


يوثق سجل الانتهاكات الروسية في سوريا جرائم واسعة النطاق ضد المدنيين والبنية التحتية الحيوية، ما يوضح سياسة متعمدة للاستهداف.

إن العدالة والمساءلة ليستا عائقًا أمام السلام، بل شرطه الأساسي. أي تطبيع مع روسيا دون مساءلة واضحة يعني تكريس الإفلات من العقاب وإهانة للضحايا، في حين أن إجراءات ملموسة للاعتراف بالمسؤولية، والتحقيق والملاحقة القضائية، وتقديم التعويضات، تشكل الركيزة الحقيقية لمصالحة مستدامة وضمان عدم تكرار الانتهاكات.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 7