الداخلية السورية تنفذ مداهمات واعتقالات واسعة لمواجهة تنظيم "الدولة"

2025.11.09 - 02:47
Facebook Share
طباعة

 أعلنت وزارة الداخلية السورية عن تنفيذ سلسلة من العمليات الأمنية الواسعة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" في مختلف المحافظات السورية، في خطوة تهدف إلى تقويض قدرة التنظيم على تنفيذ مخططات إرهابية محتملة. ووفق ما كشف المتحدث باسم الوزارة، نور الدين البابا، شملت العملية 61 مداهمة، أسفرت عن اعتقال 71 شخصًا، بينهم قيادات من مختلف المستويات وعناصر عاديون تورطوا في ارتكاب جرائم متعددة، من بينها استهداف مواطنين وعناصر من وزارة الدفاع.

وأضاف البابا أن العملية أسفرت أيضًا عن تحييد عنصر من تنظيم "الدولة" وإصابة أحد عناصر الأمن، كما تم مداهمة مستودعات للذخيرة والأسلحة وأوكار تحتوي على معدات لوجستية في مناطق مختلفة، وذلك ضمن إطار محاربة النشاط الإرهابي للتنظيم في سوريا.


المناطق المستهدفة وسياق العمليات
شملت العمليات الأمنية كل من محافظات حلب، إدلب، حماة، حمص، دير الزور، الرقة، دمشق وريفها، بالإضافة إلى مناطق البادية السورية، حسبما ذكر البابا في حواره مع قناة "الإخبارية" السورية. وأوضح أن هذه العمليات تأتي في إطار الجهود الوقائية للأجهزة الأمنية لتفادي أي تهديدات للتنظيم قبل تنفيذها، وحماية المدنيين والمرافق العامة.

وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت قبل أيام إطلاق عملية أمنية "واسعة النطاق" بالتعاون مع جهاز الاستخبارات العامة، بهدف ملاحقة خلايا تنظيم "الدولة" المنتشرة في عدد من المحافظات، ومنع أي تحركات قد تهدد الأمن القومي أو السلم الأهلي.


التنسيق بين وزارة الداخلية والاستخبارات العامة
أكد البابا أن هناك تعاونًا مستمرًا بين وزارة الداخلية وجهاز الاستخبارات العامة، حيث تتولى الاستخبارات جمع المعلومات وتحليلها حول التهديدات والتحديات الأمنية المختلفة، بينما تتولى وزارة الداخلية التنفيذ الميداني عبر إداراتها المختلفة. وأوضح أن هذا التكامل في الأدوار أسهم في سرعة التعامل مع المخاطر، بما في ذلك المخططات الإرهابية التي تستهدف الحكومة والمكونات المختلفة في سوريا.

وأشار البابا إلى أن تفجير الكنيسة في حي الدويلعة بدمشق خلال حزيران الماضي شكّل ذروة نشاط تنظيم "الدولة" داخل البلاد، إلا أن الأجهزة الأمنية تمكنت من السيطرة على الوضع بسرعة. وجرى القبض على عناصر بارزين في التنظيم، من بينهم من كان يشغل ما يُعرف بـ "والي الصحراء"، كما تم تفكيك كتيبة الانتحاريين في حلب، ما أدى إلى تقليص قدرة التنظيم على تنفيذ هجمات جديدة.


الخطر المستمر ونشاط التنظيم الجديد
وأكد المتحدث أن التنظيم يسعى باستمرار لإعادة بناء شبكاته واستقطاب عناصر جديدة، خاصة من الشباب، بهدف تنفيذ هجمات تستهدف مؤسسات حكومية وشخصيات رسمية، إلى جانب محاولة زعزعة السلم الأهلي وبث الخوف بين المواطنين والإضرار بصورة الدولة على الصعيد السياسي.

وأشار البابا إلى أن المرحلة الأولى بعد تحرير سوريا شهدت تركيزًا على فلول النظام السابق، التي شكلت التحدي الأكبر، لكن مع تجاوز هذه المرحلة وتدمير معظم خلايا الدعم اللوجستي، أصبح الخطر الأكبر الحالي يتمثل في نشاط تنظيم "الدولة" ومحاولاته لإعادة إنتاج نفسه داخليًا.

ولفت البابا إلى أهمية العمل الفكري والتوعوي بين الشباب، إضافة إلى تعزيز الاستقرار السياسي والاقتصادي، باعتباره خط الدفاع الأول ضد الإرهاب والتطرف، مشددًا على أن جهود الحكومة لا تقتصر على الجانب الأمني الميداني، بل تشمل الوقاية الفكرية والتوعية المجتمعية.


التنسيق مع التحالف الدولي
تأتي هذه العمليات بالتزامن مع زيارة مرتقبة للرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، إلى واشنطن في 10 تشرين الثاني، حيث من المتوقع توقيع اتفاقية الانضمام إلى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية". وتشير التقارير إلى وجود تنسيق مستمر بين الحكومة السورية وقوات التحالف، يشمل تبادل المعلومات الاستخباراتية بين وحدة الاستطلاع التابعة لوزارة الداخلية وغرف عمليات التحالف، وتقليص الغارات الجوية مع إسناد العمليات الميدانية لقوات مكافحة الإرهاب التابعة لوزارة الداخلية.

كما يشمل التعاون جهودًا لإعادة دمج الأسر السورية في مجتمعاتها الأصلية، وإنشاء قنوات اتصال عسكرية بين وزارة الدفاع السورية والقوات الأمريكية في مناطق محددة مثل التنف والبادية السورية، مع الحفاظ على التنسيق المباشر عبر خلية اتصال ميدانية.

وبحسب تقرير نشره معهد "الشرق الأوسط" للدراسات الاستراتيجية في واشنطن، فإن الحكومة السورية نفذت خمس عمليات مشتركة مع التحالف الدولي حتى الآن، كان آخرها في 18 تشرين الأول في مدينة الضمير بريف دمشق، في إطار التنسيق المشترك لهزيمة تنظيم "الدولة" ووقف نشاطه الإرهابي داخل الأراضي السورية.


تعكس هذه العمليات الأمنية المتواصلة التزام الحكومة السورية بالتصدي لتنظيم "الدولة" وحماية المدنيين والمؤسسات من أي تهديدات إرهابية، بالتوازي مع تعزيز التعاون مع التحالف الدولي لمواجهة التنظيم. كما تؤكد على أن الاستقرار الأمني والسياسي في البلاد يعتمد على تنسيق فعال بين الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، فضلاً عن جهود التوعية الفكرية والمجتمعية للحد من استقطاب التنظيم للشباب وإعادة إنتاج ذاته.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 4