تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة حول نجاحه في إنهاء ثمانية نزاعات ووعده بإنهاء صراع جديد تمثل محاولة لتقديم نفسه كزعيم عالمي قادر على تحقيق ما عجز عنه الآخرون.
حديثه خلال إفطار مجلس الشيوخ بالبيت الأبيض تضمّن لغة واثقة تؤكد رغبته في استعادة صورته كصانع سلام قوي، في وقتٍ تتزايد فيه التساؤلات حول مدى واقعية وفعالية تلك الادعاءات.
ترامب أكد أنه "أوقف ثماني حروب" وأن أمامه "حرب واحدة فقط" يعمل على إنهائها، في إشارة إلى الصراع الروسي الأوكراني، والذي قال إنه سيسعى لحله بالتعاون مع الرئيس الصيني شي جين بينغ. يربط ترامب بين خبرته السياسية وقدرته الشخصية على فرض التسويات، في ظلّ رؤية قائمة على المساومات والمقايضات أكثر من الحلول الدبلوماسية التقليدية.
تصريحاته الأخيرة أعادت التذكير بمواقفه السابقة التي عبّر فيها عن “استمتاعه بوقف الحروب”، وهي جملة مثيرة للجدل تكشف عن أسلوبه غير المألوف في التعامل مع القضايا الجيوسياسية فبينما يرى نفسه قائدًا قادرًا على تحقيق السلام من موقع القوة، يتجاهل تمامًا التعقيدات التي تفرضها المصالح الدولية وتشابك القوى الإقليمية في كل نزاع.
ورغم تأكيده على إمكانية إنهاء الحرب في أوكرانيا، فإن سياق حديثه يوضح رغبته في توظيف الملف ضمن الصراع الداخلي الأمريكي، إذ وصفها بأنها “حرب جو بايدن”، معتبرًا أن اندلاعها لم يكن ليحدث لو ظلّ في البيت الأبيض.
هذا الخطاب الموجّه للناخب الأمريكي يُظهر محاولة تحميل خصومه السياسيين مسؤولية استمرار النزاعات لتبرير عودته المحتملة إلى الحكم.
يرى مراقبون أن نهج ترامب في الحديث عن الحروب يعكس مزيجًا من الطموح السياسي والتسويق الانتخابي، إذ يسعى لتقديم نفسه كصاحب “صفقة القرن” في السلام العالمي، رغم أن الواقع الميداني لا يدعم هذه الرواية فالنزاعات التي يتحدث عنها لم تتوقف تمامًا، بل أعيد تشكيلها عبر انسحابات أو تفاهمات جزئية تركت فراغات أمنيّة واسعة.
في النهاية، تبدو تصريحات ترامب امتدادًا لأسلوبه الخطابي المعروف، الذي يقوم على تبسيط الملفات المعقدة واستخدام لغة الحسم لإقناع الداخل الأمريكي بأنه القائد القادر على فرض النظام العالمي الجديد وفق شروطه الخاصة.