في خطاب مؤثر ألقته في قمة "عالم شاب واحد" بمدينة ميونخ الألمانية، وجّهت الملكة الأردنية رانيا العبد الله انتقادات حادة لإسرائيل، متهمةً بعض مسؤوليها بانتهاج خطاب كراهية ممنهج يهدف إلى تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم وتبرير العنف ضدهم.
وقالت الملكة إن تصريحات بعض المسؤولين الإسرائيليين، وعلى رأسهم وزير الأمن الإسرائيلي السابق يوآف غالانت الذي وصف مقاتلي حماس بـ"الحيوانات"، ليست زلة لسان، بل جزء من دليل قديم ومجرب تسير عليه إسرائيل في كل حروبها ضد الفلسطينيين. وأضافت:
> "عندما أعلن أحد المسؤولين الإسرائيليين حصاراً تاماً على غزة ووصف سكانها بأنهم حيوانات بشرية، كان يسير وفق نهج قديم: أقنع جمهورك بأنك تواجه وحوشاً، ليصبح العنف مقبولاً بل ضرورياً".
وشبّهت الملكة هذا الخطاب بما استخدمته ألمانيا النازية ضد اليهود حين وصفتهم بـ"القوارض"، مؤكدة أن كل المجازر تبدأ بالكلمات، وأن "التغاضي عن خطاب الكراهية هو تجاهل لبدايات كل إبادة جماعية في التاريخ".
تضامن عالمي مع الفلسطينيين
وفي كلمتها أمام آلاف الشباب من أكثر من 190 دولة، أشادت الملكة رانيا بما وصفته بـ"أكبر حركة تضامن شعبية وعفوية في عصرنا" — في إشارة إلى المظاهرات الداعمة للفلسطينيين حول العالم منذ اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر 2023.
وقالت إن هذه الحركة أثبتت أن "الأمل ليس تفاؤلاً ساذجاً، بل شجاعة تتحدى اليأس"، داعية الشباب إلى التمسك بالإنسانية ورفض الصمت أمام الظلم.
وأكدت الملكة أن الكثيرين حول العالم أصيبوا بخيبة أمل نتيجة استمرار الحرب، لكنهم وجدوا في المأساة الفلسطينية حافزاً لتجديد الضمير العالمي، معتبرة أن "كل حياة إنسانية متساوية في قيمتها، وأن الألم لا يُقاس بالهوية".
مقارنة بين الكراهية والعنف
رأت الملكة رانيا أن الخطاب الإسرائيلي منذ الحرب الأخيرة على غزة يمثل امتداداً لنهج متكرر في الصراعات، حيث يبدأ بتوصيف الفلسطينيين على أنهم "تهديد وجودي" أو "كائنات دون البشر"، لينتهي بتبرير القصف والحصار والتجويع.
وأضافت أن هذا الأسلوب "ليس جديداً على الأنظمة التي ترغب في شرعنة القمع والإبادة"، مشيرة إلى أن اللغة التحريضية تسبق دوماً الجرائم الجماعية.
تصريحات الملكة رانيا تأتي في وقت تحذر فيه منظمات دولية مثل "الفاو" و"الأونروا" من مجاعة وشيكة في قطاع غزة، بعد أن تسبب العدوان الإسرائيلي بتدمير نحو 80% من الأراضي الزراعية والبنية التحتية الغذائية، وفق تقارير أممية حديثة.
ويُعدّ خطاب الملكة استمراراً لموقفها الثابت منذ اندلاع الحرب، إذ دعت مراراً المجتمع الدولي إلى محاسبة إسرائيل على جرائمها في غزة، مؤكدة أن "السكوت عن الظلم جريمة بحد ذاته".
من ميونخ، وجّهت الملكة الأردنية رسالة تتجاوز السياسة إلى الأخلاق والضمير الإنساني، حين قالت:
> "أن تكون شاهداً على الفظائع ليس بلا ألم، لكن وجع القلب هو ثمن اليقظة. الحب يحتاج إلى قوة أكبر من الكراهية."
بهذا الخطاب، أرادت الملكة رانيا أن تذكّر العالم بأن الحرب لا تبدأ بالقنابل، بل بالكلمات، وأن مواجهة الكراهية تبدأ من الوعي بخطرها على إنسانيتنا المشتركة.