من غزة إلى بيروت.. تل أبيب تفتح جبهة جديدة تحت عين واشنطن

2025.11.05 - 02:30
Facebook Share
طباعة

يتصاعد التوتر على الحدود اللبنانية الجنوبية في ظل مؤشرات متزايدة على اقتراب مواجهة جديدة بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، وسط تحذيرات أميركية ومداولات عسكرية إسرائيلية وصمت لبناني رسمي مربك. وبينما يسوّق المبعوث الأميركي توم براك لما يسميه “مهلة أخيرة” لبيروت لنزع سلاح حزب الله، تتحدث تل أبيب عن استعدادات ميدانية لحرب “قصيرة ولكن عنيفة” قد تندلع في أي لحظة.

 

كشفت القناة الإسرائيلية الثالثة عشرة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عقد اجتماعات مغلقة مع قادة المؤسسة الأمنية والعسكرية، تناولت ما وصفتها إسرائيل بـ"تقارير خطيرة" تشير إلى استمرار حزب الله في عملية إعادة بناء ترسانته الصاروخية وبنيته التحتية في جنوب لبنان، بالتوازي مع تهريب صواريخ قصيرة المدى من سوريا إلى الأراضي اللبنانية.

وبحسب المصادر العبرية، فإن الحزب يعمل على ترميم المواقع العسكرية وتجنيد عناصر محلية في القرى الحدودية، في خطوة تراها تل أبيب تحدياً مباشراً لهيمنتها الأمنية، خصوصاً في ظل استمرار العمليات الجوية الإسرائيلية شبه اليومية ضد أهداف لبنانية وسورية.

ونقلت القناة ذاتها عن مصادر مطلعة أن الجيش الإسرائيلي يستعد لجولة قتال تمتد لأيام عدة، وسط تصعيد في الخطاب الرسمي الإسرائيلي حول ضرورة "تجريد حزب الله من سلاحه" عبر الضغط السياسي على حكومة بيروت، أو من خلال تدخل عسكري مباشر في حال فشل ذلك.

وفي السياق ذاته، منح المبعوث الأميركي توم براك السلطات اللبنانية مهلة تنتهي بنهاية نوفمبر الجاري لإحداث “تغيير ملموس” في ملف سلاح حزب الله. وأبلغ براك المسؤولين اللبنانيين أن واشنطن ستتفهم أي تحرك عسكري إسرائيلي بعد هذه المهلة في حال عدم إحراز تقدم ملموس، ما يعني عملياً إعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل لشن هجمات واسعة بعد نهاية الشهر.

براك، الذي ينتمي إلى جناح “الضغط الدبلوماسي المدعوم بالقوة”، شدد على ضرورة أن يتحرك الجيش اللبناني لضبط الحدود الجنوبية وتنفيذ القرار 1701 بشكل كامل، بينما تجاهل الإشارة إلى الخروقات الإسرائيلية المتكررة للأجواء اللبنانية.

من جهته، رد رئيس مجلس النواب نبيه بري قائلاً إن إسرائيل هي من تعيق انتشار الجيش اللبناني على الحدود المعترف بها دولياً، مؤكداً أن أي محاولة لفرض وقائع جديدة بالقوة “لن تمر دون رد لبناني جامع”.

وفي المقابل، أفادت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن تقديرات استخباراتية غربية تشير إلى أن حزب الله تمكن جزئياً من إعادة بناء شبكة إمداداته العسكرية عبر قنوات لوجستية تمتد من إيران إلى العراق فسوريا وصولاً إلى لبنان. وتضيف التقديرات أن الحزب بات يعزز نفوذه شمال نهر الليطاني، في مناطق يفترض أن تكون خالية من الوجود المسلح بموجب القرار الأممي.

أما هيئة البث الإسرائيلية، فذهبت أبعد من ذلك، محذرة من أن "لا مكان محصناً في لبنان" في حال استمر حزب الله بإعادة تسليحه، في إشارة إلى نية تل أبيب توسيع نطاق ضرباتها لتشمل العمق اللبناني وليس فقط الجنوب.

 


تصريحات براك ومن خلفها الإدارة الأميركية تكشف عن تحول في نهج واشنطن تجاه لبنان، من سياسة “الاحتواء” إلى سياسة “الإنذار المسبق”، في ظل فشل العقوبات والضغوط الاقتصادية في كبح نفوذ حزب الله.

أما في إسرائيل، فإن نتنياهو يستخدم التصعيد مع لبنان كورقة سياسية داخلية لتوحيد الصف الإسرائيلي المنقسم بعد عام من الحرب المستمرة على غزة، ولإعادة ترتيب أولويات الأمن القومي في ظل الانتقادات المتصاعدة من داخل الجيش بشأن الاستنزاف في الجبهة الجنوبية.

ورغم الخطاب التهديدي المكثف، لا تزال تل أبيب تراهن على حرب محدودة الزمن والأهداف، تهدف إلى تدمير قدرات الحزب دون الانزلاق إلى مواجهة شاملة، وهو السيناريو ذاته الذي جُرّب عام 2006 وفشل في تحقيق الردع المطلوب.

 


لبنان، العالق بين تهديدات إسرائيلية وضغوط أميركية وانقسام داخلي، يواجه اليوم أخطر اختبار لسيادته منذ حرب تموز 2006. فالمهلة التي منحها براك حتى نهاية نوفمبر تبدو في نظر كثيرين مقدمة ميدانية لعدوان جديد، تُراد له أن يُكمل دائرة الحرب الإسرائيلية المفتوحة على محور المقاومة من غزة إلى دمشق وبيروت.
وحتى الآن، لا يبدو أن “الهدوء” الذي تسعى واشنطن لترويجه سوى هدوء ما قبل العاصفة.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 1