رحلة الزائر تكشف وهم إسرائيل

2025.11.05 - 07:49
Facebook Share
طباعة

 نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" تقريراً عن زيارة قام بها سائح إسرائيلي إلى دمشق، حيث ادعى أن السكان المحليين أبدوا محبة لإسرائيل. وفق الصحيفة، فإن الرحالة اليهودي آفي جولد تلقى استقبالاً حاراً وودياً من بعض السكان، حتى أنه وصف زيارته بأنها "الرحلة التي لن ينساها أبداً".

لكن الواقع على الأرض، وفق تحليلات سورية، يظهر أن هذا التصوير بعيد عن الحقيقة، إذ أن غالبية السوريين ما زالوا يرفضون الاحتلال الإسرائيلي ويعتبرون إسرائيل قوة محتلة لأراضيهم. الزيارة تعد محاولة لإعادة صياغة الصورة الإعلامية لسوريا بما يخدم الرواية الإسرائيلية، وهو ما يطرح تساؤلات عن مصداقية التقارير التي تصدر عن وسائل إعلام العدو.


خلفية
سوريا تواجه منذ عقود عداءً مباشراً من إسرائيل، التي تحتل الجولان السوري منذ عام 1967، وتشن هجمات متكررة على الأراضي السورية مستهدفة القوات النظامية والمواقع المدنية أحياناً. هذا الواقع يجعل الادعاءات عن "محبة السوريين لإسرائيل" بعيدة عن السياق، حيث أن الرأي العام السوري يرفض بشكل شبه جماعي أي شكل من أشكال التطبيع مع العدو الإسرائيلي، وتبقى مشاعر الغضب والرفض حاضرة على المستوى الشعبي.

على الرغم من ذلك، تتكرر في الإعلام الإسرائيلي وبعض المواقع الغربية محاولات تصوير السوريين بطريقة متناقضة مع الواقع، مستندة في كثير من الأحيان إلى رحلات شخصية محدودة أو لقاءات مع أفراد لا يمثلون المجتمع السوري ككل.


تفاصيل زيارة السائح
وفق تقرير "جيروزاليم بوست"، قام آفي جولد بزيارة عدة مواقع في دمشق، بما فيها كنيس يهودي قديم، حيث التقى بيخور سينمنتوف، الذي يوصف بأنه من آخر اليهود المقيمين في دمشق. وذكر جولد أن السكان المحليين عبروا له عن محبتهم لإسرائيل، وقدموا له الحلوى وعانقوه، بل وبكوا عند لقائهم.

زعم جولد أيضاً أن العديد من السوريين الذين لم يسبق لهم أن التقوا بيهودي من قبل، تأثروا بشدة، وشعروا بالسعادة لمجرد وجوده معهم، معربين عن تمنياتهم بعودة اليهود ذوي الأصول السورية. وأكد جولد أن جميع ردود الفعل التي تلقاها كانت إيجابية، حتى عند الكشف عن هويته الإسرائيلية.

ومع ذلك، المصادر السورية تشير إلى أن هذه الزيارة تمثل تجربة فردية جداً ولا تعكس الواقع العام. إذ أن غالبية السوريين يعتبرون إسرائيل قوة محتلة، ولا يمكن لأي لقاء محدود أن يقلب مواقف مجتمع كامل تجاه دولة احتلال.


التحليل والمآلات
الزيارة، رغم تصويرها على أنها تجربة ودية، تحمل أبعاداً دعائية واضحة. يُظهر هذا التقرير محاولة لتلميع صورة إسرائيل أمام الرأي العام الدولي من خلال نشر قصص شخصية معزولة. بينما الواقع الفعلي في سوريا، بما في ذلك الجولان المحتل والتعرض المستمر للقصف الإسرائيلي، يثبت أن الشعور الشعبي ضد الاحتلال لا يزال قوياً.

كما أن إعادة فتح الكنيس اليهودي في دمشق، بحسب التقرير، استخدمت كرمز لإظهار العلاقة الإيجابية مع اليهود، لكنها في الحقيقة لا تعكس الموقف العام للسكان، بل تمثل حدثاً محدوداً ومسرحيًا يمكن استغلاله إعلامياً.

المراقبون السوريون يرون أن مثل هذه الزيارات تهدف إلى خلق "وهم تقارب"، وهو ما يعزز الأجندة الإسرائيلية لتقليل الضغط الدولي على الاحتلال، ومحاولة تقديم صورة غير واقعية عن التسامح الشعبي تجاه العدو.


الموقف الشعبي السوري
على الأرض، يظل المجتمع السوري متماسكاً حول رفض الاحتلال الإسرائيلي. المدارس، الجامعات، الجمعيات المدنية، والفعاليات الشعبية، جميعها تشير إلى موقف واضح ضد إسرائيل. هذا الموقف ليس جديداً، بل هو جزء من الوعي التاريخي والسياسي الذي اكتسبه السوريون عبر أجيال.

إضافة لذلك، السوريون يعبرون عن تضامنهم مع الفلسطينيين ويستنكرون أي محاولة لتطبيع العلاقات مع الاحتلال، وهو ما يتناقض بشكل مباشر مع التصريحات الفردية التي أوردها جولد خلال رحلته.


الخاتمة
بينما تصف وسائل إعلام إسرائيلية مثل "جيروزاليم بوست" الزيارة على أنها تجربة إيجابية، تظل الحقيقة السورية مغايرة تماماً. السوريون لا يحبون إسرائيل، ولا يمكن لقصة شخصية أن تعكس واقع دولة تعيش الاحتلال والعدوان. مثل هذه الزيارات لا تعدو كونها محاولات دعائية لتغيير الصورة في الخارج، لكنها تصطدم بالوعي الشعبي الراسخ الرافض لأي شكل من أشكال التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 8