بعد غيابٍ تجاوز عشر سنوات، عادت الكهرباء أخيرًا إلى الأحياء الشرقية في مدينة حلب، في خطوةٍ اعتُبرت رمزية بقدر ما هي خدمية، إذ تعكس بداية مرحلة جديدة من محاولات إعادة الإعمار بعد سنوات طويلة من الانقطاع والدمار الذي طال البنية التحتية.
وأعلن محافظ حلب، عزام الغريب، أن الورشات الفنية أنهت أعمال تأهيل خط التوتر العالي “66 ك.ف” المغذي لمحطة باب النيرب، وهي من أبرز المحطات التي تضررت خلال سنوات الحرب، مضيفًا أن الفرق ركبت محولة جديدة باستطاعة “30 ميغا فولت/ أمبير” مع تجهيز أنظمة الحماية والقواطع والخلايا، وإعادة صالة القيادة والتحكم للخدمة لتغذية عدد من الأحياء مباشرة.
العمل الحالي يتركز على إيصال التيار إلى حي الميسر، فيما تتواصل الجهود لتوسيع نطاق الإمداد ليشمل بقية مناطق المدينة تدريجيًا، في إطار خطة حكومية أوسع تهدف إلى استعادة النشاط الكهربائي في كامل المحافظة.
عودة الكهرباء إلى شرق حلب تحمل أبعادًا اجتماعية واقتصادية واضحة، فهذه المناطق كانت من بين الأكثر تضررًا خلال سنوات الحرب، وتسببت المعارك بخروج معظم محطات التحويل وشبكات التوزيع عن الخدمة ومنذ انتهاء العمليات العسكرية، واجهت المدينة صعوبات كبيرة في إعادة تأهيل منشآت الطاقة، إذ تطلبت العملية موارد مالية وتقنية ضخمة وتعاونًا بين وزارة الكهرباء وشركة كهرباء حلب والجهات الخدمية المحلية.
ويُنظر إلى الخطوة على أنها مؤشر على تحسن تدريجي في البنية التحتية، خاصة أن مدينة حلب تُعد مركزًا صناعيًا رئيسيًا في سوريا، وكان غياب الكهرباء من أبرز العقبات أمام إعادة تشغيل مصانعها ومرافقها الإنتاجية. كما يرى مراقبون أن المشروع يشكل بداية لإعادة الثقة بين الأهالي والمؤسسات الخدمية، ويبعث برسالة مفادها أن الحياة تعود تدريجيًا إلى طبيعتها رغم الظروف الاقتصادية الصعبة.
في المقابل، لا تزال تحديات كبيرة قائمة، أبرزها محدودية الإنتاج الكهربائي على المستوى الوطني، وقدم الشبكات داخل المدينة، إضافة إلى الحاجة لمشاريع موازية في مجالات المياه والوقود والنقل لضمان استقرار فعلي للخدمات. ومع ذلك، فإن عودة التيار إلى الأحياء الشرقية تُعد خطوة عملية تُعيد الأمل لسكانٍ طال انتظارهم لعودة الضوء إلى منازلهم بعد أكثر من عقد من الظلام.