كشفت مصادر عبرية أن الفلسطيني الذي ظهر في مقطع الفيديو الموثق لواقعة التعذيب والاعتداء الجنسي داخل معسكر سدي تيمان الإسرائيلي، هو مدني من قطاع غزة لم توجه إليه أي تهم، خلافاً لما زعمته الرواية الرسمية التي ادعت أنه «مقاتل من وحدة نخبة شارك في عملية السابع من أكتوبر».
وبحسب أمر عسكري داخلي سُمح بالكشف عن تفاصيله، فإن الضحية احتُجز دون توجيه تهم أو خضوعه لأي مسار قانوني، في حين استخدمت الدعاية الإسرائيلية اتهامات ملفقة لتبرير الجريمة التي وُصفت بأنها واحدة من أبشع الانتهاكات داخل المعتقل منذ بدء الحرب على غزة.
وأكدت المصادر أن الرجل كان من بين الأسرى المفرج عنهم مؤخراً ضمن صفقة تبادل، ما يعزز الأدلة على أن الاعتداء لم يكن حالة فردية بل جزءاً من نمط متكرر من التعذيب الممنهج ضد المدنيين الفلسطينيين داخل المعتقلات العسكرية الإسرائيلية.
انهيار السردية الإسرائيلية وتصدع داخل المؤسسة العسكرية
الواقعة الجديدة تُعد ضربة قاسية للآلة الإعلامية الإسرائيلية التي سعت، منذ اندلاع الحرب، إلى تسويق روايات ميدانية مشوهة لتبرير الانتهاكات بحق الأسرى الفلسطينيين.
لكن الأخطر — بحسب محللين عسكريين — أن الاعتراف الصادر ضمنياً عن الجيش بمدنية الضحية، فجّر انقسامات حادة داخل المؤسسة العسكرية حول إدارة ملف التعذيب والتغطية الإعلامية عليه.
وتجد المدعية العسكرية العامة يفعات تومر-يروشالمي نفسها في قلب العاصفة، بعد أن اتهمها اليمين الإسرائيلي بـ«خيانة الجيش» على خلفية السماح بنشر مقطع الفيديو الذي فضح التعذيب.
وبينما أعلن وزير الدفاع إسرائيل كاتس إقالتها واحتجازها انفرادياً، تشير تقارير إسرائيلية إلى أن تسريب المقطع تم من داخل المؤسسة العسكرية نفسها، ما يعكس صراعاً داخلياً على خلفية محاولات التستر على الانتهاكات.
تصاعد الغضب الدولي وتأكيد الطبيعة الممنهجة للتعذيب
أثار تسريب الفيديو موجة إدانة دولية واسعة، مع مطالبات متجددة من منظمات حقوقية بإجراء تحقيق مستقل ومحاكمة المسؤولين عن التعذيب والاعتداء الجنسي.
ويقول خبراء قانونيون إن الكشف الأخير يضيف دليلاً جديداً على أن ما يجري في معسكر سدي تيمان يتجاوز الانتهاكات الفردية إلى مستوى سياسة رسمية للعقاب الجماعي والتنكيل بالمعتقلين الفلسطينيين.
وتزامن ذلك مع نشر القنوات الإسرائيلية الرسمية لمقاطع جديدة تظهر تعذيب أسرى داخل زنازين ميدانية في تيمان، بينما وصف أحد الضباط السابقين ما يحدث بأنه «نسخة عسكرية من غوانتنامو الإسرائيلية».
سدي تيمان.. من معسكر احتجاز مؤقت إلى رمز للوحشية
يقع معسكر سدي تيمان جنوب إسرائيل بالقرب من بئر السبع، وأُقيم كمركز احتجاز «مؤقت» بعد 7 أكتوبر 2023 لاستيعاب المئات من الفلسطينيين الذين جرى اختطافهم من غزة.
لكن مع مرور الوقت، تحول الموقع إلى معتقل ميداني سري تُنتهك فيه حقوق المعتقلين بشكل واسع — وفق شهادات جنود سابقين وتقارير لمنظمات دولية بينها العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش.
الكشف الجديد، الذي يقر بأن الضحية مدني بريء، يعزز الاتهامات بأن إسرائيل تستخدم الحرب على غزة غطاءً لتقنين التعذيب وإخفاء المعتقلين قسرياً، فيما يتزايد الضغط على حكومة نتنياهو مع اتساع الفجوة بين الجهاز العسكري والمؤسسة السياسية.
الوثيقة العسكرية المسربة ألغت صفة «المقاتل» عن الضحية، لتكشف أن إسرائيل زورت الوقائع لتبرير التعذيب.
المدعية العسكرية دفعت ثمن كشف الحقيقة، بعد أن تحولت من محققة في الانتهاكات إلى متهمة بالتسريب.
المجتمع الدولي أمام اختبار جديد: هل تبقى الانتهاكات في سدي تيمان دون عقاب كما حدث في ملفات سابقة؟