بري: إسرائيل تعيق انتشار الجيش اللبناني وتكذب بشأن تهريب السلاح من سوريا

2025.11.04 - 04:25
Facebook Share
طباعة

في خضمّ تصاعد التوتر على الجبهة اللبنانية–الإسرائيلية، شنّ رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري هجوماً سياسياً حاداً على تل أبيب، متهماً إياها بأنها الطرف الذي يعرقل استكمال انتشار الجيش اللبناني على الحدود الجنوبية المعترف بها دولياً، ومؤكداً أن مزاعمها بشأن تهريب السلاح من سوريا إلى لبنان "محض أكاذيب" لا أساس لها من الصحة.

وقال بري في تصريحات نقلتها وسائل إعلام لبنانية، إن الجيش اللبناني نشر أكثر من تسعة آلاف عنصر وضابط في منطقة جنوب الليطاني، وأنه "قادر على الانتشار الكامل على الحدود الدولية"، لكن "استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأجزاء من الأراضي اللبنانية الجنوبية هو ما يمنع ذلك"، مشيراً إلى أن هذا الأمر موثق في تقارير دورية لقوات "اليونيفيل" الأممية.

اتهامات متبادلة ومفاوضات مؤجلة

وكشف بري أن الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس ناقشت في زيارتها الأخيرة لبيروت ملفين أساسيين: الأول الادعاءات الإسرائيلية بشأن استمرار تدفق السلاح من سوريا، والثاني آلية المفاوضات بين الجانبين.
وأوضح أن واشنطن، التي تمتلك قدرة مراقبة جوية متقدمة عبر الأقمار الصناعية، "تعلم تماماً أن ما تقوله إسرائيل بشأن تهريب السلاح غير صحيح"، معتبراً أن تلك المزاعم تُستخدم كذريعة لتبرير العدوان المستمر على الأراضي اللبنانية.

وفي ما يتعلق بالمفاوضات، أشار بري إلى وجود آلية تسمّى "الميكانيزم"، يفترض أن تعقد اجتماعات دورية وتضم مختصين مدنيين وعسكريين، على غرار ما جرى خلال ترسيم الخط الأزرق والحدود البحرية، لكن هذه الآلية لم تُفعّل مؤخراً بسبب التوترات الأمنية والسياسية.

رفض قاطع للتطبيع وتصعيد ميداني

ورداً على التسريبات حول نية بعض القوى اللبنانية فتح قنوات اتصال مع إسرائيل، شدد بري على أن "اللبنانيين سيقولون لا للتطبيع"، مؤكداً أن أي محاولة لفرض مثل هذا المسار "ستفشل لأنها تتناقض مع هوية لبنان وموقفه التاريخي من الاحتلال".

بالمقابل، واصلت إسرائيل خلال الأسابيع الأخيرة تكثيف ضرباتها الجوية على الأراضي اللبنانية، ما أسفر، وفق وزارة الصحة اللبنانية، عن مقتل 26 شخصاً في شهر أكتوبر وحده.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن "حزب الله يلعب بالنار"، متهماً الرئيس اللبناني بـ"المماطلة في تطبيق القرارات الدولية"، بينما شدد على ضرورة "نزع سلاح حزب الله وإخراجه من الجنوب".

ضغوط أميركية ومسار تفاوضي هش

تأتي هذه التطورات في وقت تتزايد فيه الضغوط الأميركية على بيروت لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل. فقد دعا الموفد الأميركي توم باراك، السبت، الحكومة اللبنانية إلى الدخول في مفاوضات مباشرة لتخفيف التوتر، وهو ما رفضه الرئيس اللبناني جوزيف عون الذي اتهم إسرائيل بالرد على الدعوات الدبلوماسية بتكثيف غاراتها الجوية.

ويُذكر أن اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في نوفمبر 2024 برعاية أميركية–فرنسية نصّ على انسحاب حزب الله من جنوب الليطاني، وحصر السلاح بالمؤسسات الرسمية، مقابل انسحاب إسرائيل من المناطق التي احتلتها خلال الحرب. إلا أن تنفيذ الاتفاق تعثر بسبب تمسك تل أبيب بوجودها العسكري في بعض النقاط الحدودية، ورفض حزب الله خطة الحكومة اللبنانية، التي أُقرت تحت ضغط واشنطن، لتجريده من سلاحه ووصفها بأنها "خطيئة وطنية".

 

يبدو المشهد اللبناني–الإسرائيلي اليوم في واحدة من أكثر مراحله هشاشة منذ حرب يوليو 2006. فبينما تسعى واشنطن إلى فرض واقع جديد عبر "نزع سلاح حزب الله" كمدخل لتسوية أمنية شاملة، تتمسك المقاومة بخيار الردع كضمانة لحماية السيادة اللبنانية، في وقت يتزايد فيه الاحتقان الشعبي والسياسي داخل لبنان ضد أي شكل من أشكال التطبيع مع الاحتلال.
وبينما يستمر التصعيد العسكري المتبادل، تبدو الحدود الجنوبية ساحة اختبار حقيقي لتوازن الردع الإقليمي، في ظل غياب أفق سياسي واضح يضمن التهدئة المستدامة.
 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 4