مصرف لبنان يبدأ أول خطوة نحو كشف المستفيدين من أموال الدعم

2025.11.04 - 04:10
Facebook Share
طباعة

في تحرّك يُعدّ من أكثر الخطوات جرأة منذ اندلاع الأزمة المالية في لبنان عام 2019، أعلن حاكم مصرف لبنان كريم سعيد عن بدء التحضير لإطلاق تدقيق مالي وجنائي شامل للمستفيدين من برنامج دعم السلع بعد 17 تشرين الأول من ذلك العام، وهي المرحلة التي شهدت بداية الانهيار المالي والانفجار في سعر الصرف.

الخطوة تأتي بعد تنسيق مع وزارتي المالية والعدل، في محاولة لاستعادة ما يمكن من الثقة المفقودة، بعد الاتهامات التي طالت برامج الدعم السابقة بأنها تحوّلت إلى وسيلة لتهريب العملة الصعبة وتغذية شبكات مصالح مرتبطة بمصرفيين وتجار نافذين.
ويُفترض أن يغطي التدقيق عمليات التحويلات الخارجية، والنفقات التي سددت باسم الدولة، ورصد أي عمليات إساءة استخدام للأموال العامة أو تجاوز للسلطة خلال فترة الدعم بين عامي 2019 و2023.

اللافت في بيان سعيد أنه يربط التدقيق بملف استرداد الأموال والودائع، وهو ما يشير إلى نية المصرف المركزي توظيف النتائج مستقبلاً في مسار إصلاح مالي أوسع، وربما ضمن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، الذي لطالما طالب بمراجعة شفافة لبرامج الدعم. كما أن فتح باب المناقصة أمام الشركات الدولية المختصة يعطي بعداً جدّياً للمبادرة، ويضع الحكومة أمام اختبار الإرادة السياسية لإنجاز الملف من دون تدخلات.

لكن التحدي الأكبر يبقى في حدود الصلاحيات التي سيُمنحها المدققون، ومدى تعاون الوزارات والأجهزة مع التحقيق، إذ سبق أن تعطّل التدقيق السابق في حسابات مصرف لبنان بسبب تضارب المصالح وغياب المستندات. لذلك يرى مراقبون أن نجاح الخطة يعتمد على الإرادة السياسية أكثر من الجوانب التقنية.

مع ذلك، يشكّل إعلان مصرف لبنان نقطة تحوّل رمزية في مشهد الأزمة، إذ يعترف صراحةً بضرورة فتح الملفات القديمة ومحاسبة من استفاد من نظام الدعم على حساب الدولة والمودعين فبينما يستمر اللبنانيون في دفع ثمن الانهيار من ودائعهم ومعيشتهم، يحاول المركزي – ولو متأخراً – أن يقدّم إشارة أولى نحو الشفافية، علّها تفتح باب المساءلة التي طال انتظارها. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 4