في تطور يعكس حجم التحول في معادلات القوة الإقليمية، حذر موقع "ناتسيف نت" الإسرائيلي من أن أي تحالف عسكري متنامٍ بين مصر والسعودية قد يُعيد رسم خريطة النفوذ جنوب إسرائيل، ويفرض واقعًا أمنيًّا جديدًا يحد من هامش المناورة الإسرائيلي في المنطقة.
وصف التقرير العبري هذا التعاون بأنه "أخطر جبهة محتملة على الأمن الإسرائيلي"، مؤكدًا أن الحشد العسكري المتزايد على الحدود الجنوبية – والذي يجمع بين ثاني وثالث أقوى جيوش المنطقة – يمثل تهديدًا استراتيجيًّا مباشراً لتوازن القوى القائم منذ عقود.
التحليل الإسرائيلي جاء عقب الاجتماع الحادي عشر للجنة التعاون العسكري المصري–السعودي، الذي عُقد مؤخرًا في الرياض برئاسة رئيس أركان القوات المسلحة المصرية اللواء أحمد خليفة ونظيره السعودي اللواء فياض بن حامد الرويلي.
الاجتماع انتهى بتوقيع بروتوكول رسمي جديد للتعاون العسكري، شمل مجالات التسليح والتدريب والاستخبارات والصناعات الدفاعية، في خطوة وُصفت في الأوساط الإسرائيلية بأنها "تطور نوعي في البنية العسكرية العربية".
شراكة عسكرية تتجاوز البروتوكولات
أشاد اللواء خليفة خلال زيارته بـ"عمق العلاقات الاستراتيجية" بين القاهرة والرياض، مؤكدًا أن الشراكة العسكرية تمثل ركيزة أساسية في حماية الأمن الإقليمي.
في المقابل، شدد الرويلي على التزام المملكة بتوسيع آفاق التعاون الدفاعي لمواجهة "التحديات الإقليمية المتصاعدة"، مع التركيز على تطوير القدرات التكنولوجية والتكتيكية الحديثة للجيشين.
وبحسب التقرير الإسرائيلي، لم يعد التعاون بين البلدين مجرد لقاءات بروتوكولية، بل تجسد فعليًا عبر سلسلة من التدريبات المشتركة، من أبرزها:
مناورات "تبوك 5" التي استضافتها السعودية.
مناورات "هرقل–2" في مصر، والتي شهدت مشاركة سعودية واسعة.
كما أشار التقرير إلى مشاركة طيارين مصريين في قيادة مقاتلات سعودية خلال تدريبات واقعية، في خطوة غير مسبوقة تعكس مستوى الثقة العملياتية بين الجيشين.
قلق استراتيجي في تل أبيب
التقرير الإسرائيلي أقر بأن هذا التحالف "يغيّر قواعد اللعبة في جنوب إسرائيل"، خاصة مع مؤشرات على تنسيق استخباري وتوجه نحو تطوير مشترك للصناعات الدفاعية، وهو ما قد يحدّ من التفوق النوعي الإسرائيلي في المدى المتوسط.
وأكد الموقع أن تل أبيب مطالَبة بوضع "خطط ردع مضادة" لمواجهة ما وصفه بـ"التقارب العسكري العربي الأخطر منذ عقود"، محذرًا من "الاستهانة بقدرات مصر والسعودية حين تعملان كقوة موحدة".
تحالف استراتيجي يتجاوز البعد العسكري
يرى مراقبون أن التحالف المصري–السعودي يندرج ضمن استراتيجية عربية جديدة لإعادة التوازن في المنطقة، في ظل تحولات جيوسياسية كبرى تتزامن مع تراجع الدور الأمريكي واحتدام التنافس بين القوى الإقليمية.
كما يعكس هذا التقارب، وفق محللين عسكريين، نضوجًا في الرؤية الدفاعية العربية، وانتقالها من مستوى التنسيق إلى مأسسة التحالف العسكري المشترك لمواجهة التحديات الإقليمية، من البحر الأحمر حتى شرق المتوسط.
يبقى القلق الإسرائيلي مبررًا في ضوء ما تعتبره تل أبيب "عودة الروح إلى المحور العربي التقليدي"، فالتعاون العسكري بين القاهرة والرياض لا يقتصر على تدريبات أو بيانات سياسية، بل يشير إلى تحول استراتيجي فعلي يعيد رسم خريطة القوة في الشرق الأوسط، ويضع إسرائيل أمام معادلة أمنية جديدة على حدودها الجنوبية.