ما وراء دعوة لبنان لتفعيل لجنة المراقبة في الجنوب؟

2025.11.04 - 03:38
Facebook Share
طباعة

يعيد الرئيس اللبناني جوزيف عون تموضع الملف الجنوبي في قلب المشهد السياسي الإقليمي، عبر تأكيده مجدداً أن خيار التفاوض لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي هو خيار وطني جامع، لا يعكس ضعفاً بل محاولة لتثبيت السيادة اللبنانية بآليات دبلوماسية مدروسة، في وقت تتزايد فيه الاعتداءات الإسرائيلية والخروقات اليومية للقرار الدولي 1701.

اللقاءات الأخيرة التي عقدها الرئيس عون مع وزير الدفاع الهولندي روبن بريكلمنس، ومساعد وزير الخارجية البريطاني هاميش فلكونر، بدت رسالة مزدوجة: من جهة تسعى بيروت إلى استنهاض دعم أوروبي جاد يوازي الانحياز الأميركي الواضح لتل أبيب، ومن جهة أخرى تؤكد أنها لن تترك الجنوب رهينة التوترات الميدانية ولا المفاوضات غير المتوازنة فالدعوة التي وجّهها الرئيس عون إلى الأوروبيين للضغط على إسرائيل محاولة لتوسيع دائرة الضمانات السياسية للبنان في مواجهة احتمال التصعيد العسكري المستمر منذ أسابيع.

يأتي ذلك في سياق بالغ الحساسية، إذ تشير التقارير الأممية إلى أن إسرائيل كثّفت عملياتها الجوية والمدفعية على المناطق الحدودية، فيما تحافظ المقاومة اللبنانية على مستوى محدد من الردع دون الانزلاق إلى مواجهة شاملة، هذا التوازن الهشّ يدفع الرئاسة اللبنانية إلى تبني خطاب أكثر صرامة في المطالبة بتنفيذ القرار 1701 كاملاً، والانسحاب من الأراضي التي ما تزال إسرائيل تحتلها، وهو ملف يشمل مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وأجزاء من الغجر.

أما على المستوى الداخلي، فيحاول الرئيس عون التمسك بمعادلة “الدولة وحدها تمتلك قرار السلم والحرب”، وهو ما يترجم في تأكيده على دور الجيش كقوة شرعية وحيدة في الجنوب دعوته لتفعيل لجنة المراقبة (الميكانيزم) تشي برغبة واضحة في استعادة الثقة الدولية بالمؤسسة العسكرية، وربما تهيئة الأرضية لتفاهمات جديدة بإشراف الأمم المتحدة.

يرى مراقبون أن بيروت تراهن على الضغط الأوروبي في لحظة إقليمية مضطربة، حيث تنشغل واشنطن بملفات أوكرانيا وغزة، وتبحث العواصم الأوروبية عن منافذ لاستعادة دورها الدبلوماسي في الشرق الأوسط. وفي هذا السياق، يشكّل الملف اللبناني فرصة لإعادة التوازن في علاقات القوى الدولية مع دول المنطقة، خصوصاً في ظل الخشية من توسع رقعة المواجهة بين حزب الله وإسرائيل.

في المحصلة، يعكس موقف عون إدراكاً عميقاً لمعادلة “التفاوض من موقع السيادة”، لكنه في الوقت نفسه يختبر حدود القدرة اللبنانية على الصمود السياسي وسط غياب إرادة دولية حقيقية لإنهاء الاحتلال، واستمرار إسرائيل في فرض وقائع ميدانية جديدة تجعل طريق الحل أكثر وعورة من أي وقت مضى. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 8