أنقرة: لا مؤشرات جدّية على دمج "قسد" في الجيش السوري رغم اتفاق مارس

2025.11.04 - 11:52
Facebook Share
طباعة

كشفت صحيفة "حرييت" التركية عن استمرار الجمود في تنفيذ الاتفاق الموقّع بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) في مارس الماضي، والذي يقضي بدمج المقاتلين الأكراد في الجيش السوري وتسليم المنشآت المدنية والعسكرية للدولة السورية. ورغم مرور قرابة ثمانية أشهر على توقيع الاتفاق، لم تشهد أنقرة أي خطوات ملموسة نحو التطبيق، ما يعيد الملف إلى دائرة التعقيد الإقليمي وسط اتهامات متبادلة وتوجّهات متضاربة بين القوى الفاعلة في الميدان السوري.

 


بحسب الصحيفة التركية، فإن أنقرة لم ترصد أي تقدم في عملية دمج "قسد" ضمن هياكل الحكومة الانتقالية السورية التي يرأسها أحمد الشرع، رغم قرب انتهاء المهلة المحددة في الاتفاق، والتي تنتهي مع نهاية العام الجاري.
وينص الاتفاق الموقع في 10 مارس بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، على توحيد القوات المسلحة تحت راية الحكومة الانتقالية وتسليم كافة المرافق الحيوية، بما في ذلك المطارات وحقول النفط والغاز في شمال شرق سوريا، إلى سيطرة دمشق.

 


لكن الصحيفة لفتت إلى أن تنفيذ الاتفاق يواجه عراقيل خارجية وداخلية، إذ تشير مصادر تركية إلى أن الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل تعمل على عرقلة الدمج عبر دعم أطراف كردية رافضة للاتفاق، كما تستغل هذه القوى – وفق الصحيفة – مكونات محلية مثل الدروز وبعض المجموعات الموالية لإيران لإبقاء المشهد السوري في حالة من التوازن الهش ومنع استقرار المعادلة الأمنية لصالح دمشق.

من جانبها، تتوقع أنقرة أن تبدأ العملية من دير الزور، عبر سحب وحدات "قسد" وتسليم حقول النفط والغاز إلى الحكومة، لتليها مرحلة تسليم المعابر في الشمال الشرقي، وهو ما تعتبره تركيا خطوة ضرورية لتسهيل عملية دمج المقاتلين الأكراد ضمن الجيش السوري وفق بنود اتفاق مارس.

وتنظر أنقرة إلى قوات سوريا الديمقراطية على أنها امتداد مباشر لحزب العمال الكردستاني (PKK) الذي تصنفه منظمة إرهابية. وكان الحزب قد أعلن في مايو الماضي تخليه عن السلاح وإنهاء تمرده المسلح ضد تركيا بعد نحو نصف قرن من الصراع، غير أن أنقرة لا تزال تتوجس من بقاء نفوذ "قسد" في مناطق النفط السورية باعتباره تهديدًا مزدوجًا لأمنها القومي ووحدة الأراضي السورية.

كما نقلت "حرييت" عن مصادر تركية أن أنقرة لن تتردد في تنفيذ عملية عسكرية مشتركة مع دمشق ضد "قسد" إذا لم تُنفَّذ بنود الاتفاق بحلول نهاية العام، مؤكدة أن الهدف من أي تحرك عسكري محتمل سيكون منع تقسيم سوريا وإنهاء الوجود المسلح لقوات مرتبطة بـ"العمال الكردستاني".

 

يُعد اتفاق مارس بين دمشق و"قسد" أول تفاهم علني بهذا المستوى بين الطرفين منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، وجاء بعد وساطات روسية وإيرانية استمرت شهورًا. وقد مثّل الاتفاق خطوة استراتيجية بالنسبة لدمشق لاستعادة السيطرة على موارد الطاقة في الشمال الشرقي، بينما رأت فيه "قسد" فرصة لضمان دور سياسي في المرحلة الانتقالية وتجنب مواجهة عسكرية مع تركيا أو الجيش السوري.

لكن في ظل تضارب المصالح بين واشنطن وأنقرة وموسكو وطهران، يبدو أن تنفيذ الاتفاق ما زال بعيد المنال، خاصة مع تمسك الولايات المتحدة بوجودها العسكري شرق الفرات واستمرارها في دعم وحدات "قسد" كمكوّن رئيسي في عملياتها ضد تنظيم "داعش"، ما يجعل أي تسوية سورية داخلية رهينة بتفاهمات إقليمية ودولية أكبر من قدرة الأطراف المحلية على فرضها.
 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 10