بيروت تتواصل بصمت مع "قسد" حول نساء وأطفال الهول

2025.11.04 - 09:40
Facebook Share
طباعة

 في خطوة غير متوقعة، استضافت بيروت مؤخرًا لقاءً نادرًا بين مدير عام الأمن العام اللبناني اللواء حسن شقير ووفد من "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، لبحث ملف النساء اللبنانيات وأطفالهن المحتجزين في مخيم الهول بشمال شرق سوريا. اللقاء، الأول من نوعه منذ سنوات، أعاد إلى الواجهة واحدًا من أكثر الملفات حساسية في العلاقة بين لبنان وقسد، في ظل تحركات إقليمية ودولية متشابكة.

الاجتماع جاء بعد محاولات "قسد" إشراك الإعلام لإضفاء شرعية على تحركها، لكن الجانب اللبناني حرص على إبقاء اللقاء محدودًا بالإطار الأمني والتقني، بعيدًا عن أي أبعاد سياسية أو دبلوماسية قد تُفسَّر على أنها اعتراف بالإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا.


وفد كردي بطلب موسع… ورفض لبناني للتسييس
ضم الوفد الكردي مدير جهاز الاستخبارات في "قسد"، وأعضاء من الجهاز، بالإضافة إلى ممثل "الإدارة الذاتية" في لبنان عبد السلام أحمد. وكان هدف الوفد توسيع اللقاء ليشمل ممثلين عن وزارات الداخلية والخارجية والشؤون الاجتماعية في لبنان، لفتح نقاش أوسع حول مصير العائلات اللبنانية في الهول.

لكن المسؤولين اللبنانيين رفضوا هذا التوجه، مؤكدين أن التنسيق يجب أن يقتصر على الأمن العام فقط، لتفادي أي تفسير سياسي للقاء قد يثير توترًا مع دمشق أو أنقرة. ووفق مصادر لبنانية، فإن القرار الرسمي واضح: "لا توجد أي علاقة سياسية أو رسمية مع قسد، والتواصل يقتصر على الملف الإنساني فقط".


ملف إنساني معقد بشروط أمنية
تركز النقاش على إعادة 11 امرأة لبنانية متزوجات من مقاتلي تنظيم "داعش"، ومعهن 22 طفلاً يعيشون منذ سنوات في ظروف صعبة وغير إنسانية داخل المخيم الذي يضم آلاف النساء والأطفال من عائلات المقاتلين.

وأكد وفد "قسد" استعدادهم للتعاون، مشددين على ضرورة التنسيق مع قوات التحالف الدولي والسلطات المحلية في شمال شرق سوريا، بالإضافة إلى موافقات متعددة تشمل العراق وتركيا والأردن. ويضاف إلى ذلك تعقيدات أخرى تتعلق بهوية بعض الأطفال المولودين داخل المخيم من آباء مجهولين، ما يستدعي فحوصات للحمض النووي لتحديد الجنسية بدقة. كما رفض بعض النساء العودة خوفًا من الملاحقة القضائية في لبنان.


استياء لبناني من نشاطات "قسد"
اللقاء لم يقتصر على الجانب الإنساني، بل تناول تحركات "قسد" في لبنان خلال الأشهر الماضية، والتي شملت لقاءات مع نواب وشخصيات حزبية، بالإضافة إلى تواصل مع مسؤولين سابقين في النظام السوري ومقربين من شخصيات في السويداء.

هذا النشاط أثار قلق السلطات اللبنانية، وأوضح الوفد الكردي أن لبنان لن يكون منصة لأي نشاط سياسي خارج الإطار الرسمي، مؤكدة أن العلاقة مع "قسد" ستبقى محصورة في الملف الإنساني.


التريث اللبناني وانتظار التفاهم السوري
على الرغم من الطابع الإنساني العاجل للملف، تميل بيروت إلى التريث قبل اتخاذ أي خطوات تنفيذية، في انتظار نتائج التفاهمات بين القيادة السورية وقسد، والتي تسعى لإدماج الفصائل الكردية ضمن الدولة السورية. وترى السلطات اللبنانية أن نجاح هذا المسار سيتيح معالجة أسهل لملف العائلات اللبنانية، من خلال قنوات رسمية سورية، دون احتكاك مباشر مع دمشق أو فتح جبهة دبلوماسية جديدة.

وفق إحصاءات المخيم الأخيرة، يضم الهول نحو 40 ألف شخص من أكثر من 9 آلاف عائلة، بينهم حوالي 6 آلاف مرتبطين بمقاتلي تنظيم "داعش". وتصف تقارير أممية المخيم بأنه "أخطر بؤرة أمنية وإنسانية في الشرق الأوسط"، نتيجة تحوله إلى بيئة خصبة لإعادة إنتاج الفكر المتطرف.


لبنان بين الضرورات الإنسانية والحسابات السياسية
تواجه السلطات اللبنانية معادلة دقيقة: كيفية استعادة نساء وأطفال من بيئة تصنف دوليًا كخطر أمني، دون منح "قسد" أي شرعية سياسية أو فتح جبهة دبلوماسية مع دمشق وأنقرة. حتى الآن، يبقى الحل اللبناني إدارة الملف بصمت ومن خلال قنوات أمنية محدودة، مع انتظار اكتمال تفاهمات دمشق-قسد التي قد تمهد الطريق لإنهاء ملف طويل ومؤلم بالنسبة للعائلات اللبنانية المحتجزة في الهول.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 9