في خطاب جديد حمل رسائل سياسية وإنسانية متداخلة، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التزام حركة حماس باتفاق وقف إطلاق النار في غزة، معلنًا في الوقت نفسه عن إطلاق برنامج دعم اقتصادي خاص لسوريا تحت مظلة "الكومسيك" – اللجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري لمنظمة التعاون الإسلامي.
التزام حماس واتهام لإسرائيل بخرق الهدنة
خلال كلمته أمام مؤتمر “الكومسيك” في إسطنبول اليوم الاثنين، قال أردوغان إن "حماس ملتزمة للغاية باتفاق وقف إطلاق النار"، لكنه أشار إلى أن "سجل إسرائيل في هذا الصدد سيئ جدًا"، متهمًا تل أبيب بمواصلة الانتهاكات رغم دخول الهدنة حيز التنفيذ.
وأضاف أن "الحكومة الإسرائيلية قتلت أكثر من 200 مدني في غزة منذ بدء سريان وقف النار، ولم توقف احتلالها ولا هجماتها في الضفة الغربية"، مؤكدًا أن "تركيا ستواصل جهودها حتى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة".
كما شدد أردوغان على ضرورة البدء الفوري في إدخال المساعدات الإنسانية إلى سكان قطاع غزة وإطلاق عملية إعادة الإعمار، معتبراً أن “ضم إسرائيل للضفة أو المساس بالقدس والمسجد الأقصى خطوط حمراء لا يمكن القبول بها”.
برنامج دعم خاص لسوريا
وفي ما يتعلق بالملف السوري، أعلن الرئيس التركي عن إطلاق برنامج دعم خاص لسوريا تحت مظلة “الكومسيك”، مشيرًا إلى أن العقوبات التي تعيق التنمية الاقتصادية في البلاد بدأت تُرفع تدريجيًا بفضل "جهود تركيا ومساهماتها".
وأوضح أن البرنامج يهدف إلى دعم الاقتصاد السوري والمساهمة في مشاريع إعادة الإعمار وتحسين البنية التحتية، دون تحديد تفاصيل إضافية حول حجم التمويل أو المجالات المستهدفة.
مشروعات جديدة في القدس
وفي سياق متصل، كشف أردوغان عن نية بلاده إضافة ثمانية مشاريع جديدة إلى برنامج "الكومسيك القدس" هذا العام، الذي نفذت تركيا في إطاره حتى الآن 20 مشروعًا لدعم المدينة ومؤسساتها، في إطار ما تصفه أنقرة بـ"المسؤولية تجاه حماية هوية القدس الإسلامية".
موقف حازم من الحرب في السودان
لم يخلُ خطاب الرئيس التركي من الإشارة إلى الصراع الدائر في السودان، حيث أدان بشدة ما وصفه بـ"المجازر بحق المدنيين في الفاشر"، مؤكدًا أن “أي إنسان يملك قلبًا حيًا لا يمكن أن يقبل بذلك”.
وشدد أردوغان على ضرورة “حماية وحدة السودان وسيادته واستقلاله، والوقوف إلى جانب شعبه في مواجهة الفوضى والعنف”.
يأتي هذا الخطاب في وقت تحاول فيه أنقرة لعب دور موازن بين ملفات المنطقة، من غزة إلى دمشق والفاشر، مستندة إلى خطاب يجمع بين الدفاع عن القضايا الإسلامية والتموضع كقوة إقليمية قادرة على التأثير السياسي والاقتصادي.
ويرى مراقبون أن إعلان أردوغان عن برامج دعم جديدة لسوريا والقدس، وتأكيده على التزام حماس بالهدنة، يمثل رسالة مزدوجة: دعم الحلفاء في المحور الإسلامي، ومواصلة الضغط على إسرائيل وحلفائها الغربيين عبر أدوات الدبلوماسية الاقتصادية والدينية.