تصاعد التوتر في محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا، بعد رفض الكنائس المسيحية لقاء قائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، لمناقشة قضية إغلاق المدارس المسيحية ووقف تدريس مناهج وزارة التربية والتعليم السورية. وقد هددت الكنائس بالتصعيد واتخاذ خطوات قد تشمل إغلاق أبواب الكنائس إذا استمر منع تدريس المناهج الرسمية.
وقالت مصادر محلية إن المطران مار موريس عمسيح، مطران أبرشية الجزيرة والفرات للسريان الأرثوذكس، ومجمع الكنائس، رفضوا الدعوة للاجتماع مع عبدي، معتبرين أن اللقاءات السابقة لم تسفر عن أي حل ملموس للمشكلة، وأن الإدارة الذاتية تسعى لكسب الوقت وفرض الأمر الواقع على المدارس المسيحية والمعاهد التعليمية في المحافظة.
خلفية الأزمة
تأتي هذه الأزمة بعد سلسلة إجراءات من قبل هيئة التربية والتعليم التابعة للإدارة الذاتية، التي منعت تدريس مناهج الدولة السورية في المدارس والمعاهد المسيحية، وهددت بمحاسبة المخالفين قانونياً. وقد أثر القرار على أكثر من 80 معهدًا ومدرسة، ما أدى إلى حرمان آلاف الطلاب من تلقي تعليمهم وفق المناهج الرسمية المعترف بها في البلاد.
ويأتي هذا الحظر بعد سلسلة إجراءات مشابهة بدأت في عام 2022، عندما قامت الإدارة الذاتية بإيقاف تدريس مناهج الدولة السورية في المدارس والمعاهد الخاصة ضمن مناطق سيطرتها في الحسكة والقامشلي والرقة ودير الزور، مع فرض غرامات مالية وعقوبات قانونية على المخالفين.
موقف الكنائس
أوضح مصدر من مجمع الكنائس أن الكنائس لم تعد قادرة على تحمل التماطل المستمر من الإدارة الذاتية وقسد، معتبرة أن هذه الإجراءات تمثل انتهاكاً للحق في التعليم وفرض سياسة أحادية على المجتمع المسيحي في المنطقة. وأكد المصدر أن الكنائس ستتواصل مع الجهات المحلية والدولية للضغط على الإدارة الذاتية للتراجع عن قراراتها والسماح بعودة تدريس المناهج الرسمية، بما يضمن استمرار العملية التعليمية دون مضايقات.
وأضاف المصدر أن الكنائس أعطت فرصة أخيرة للتفاوض، إلا أن استمرار الإغلاق وانعدام أي خطوات عملية من قبل الإدارة الذاتية دفعها إلى إعلان احتمال تصعيد الإجراءات، بما في ذلك إغلاق أبواب الكنائس احتجاجاً على استمرار منع التعليم الرسمي.
آثار القرار على الأهالي والطلاب
يؤكد مدراء معاهد ومربو مدارس أن هذه القرارات أثرت بشكل مباشر على آلاف الطلاب وأسرهم، حيث لم يعد بإمكان المدارس تقديم التعليم وفق المناهج الرسمية، وهو ما يزيد من الضغوط على الأهالي ويؤثر على مستقبل الطلاب الأكاديمي.
وقالت مصادر من داخل المدارس إن معظم المعاهد الحكومية والخاصة التابعة للكنائس أغلقت أبوابها منذ بدء العام الدراسي الجديد، في حين تحاول الإدارة الذاتية فرض مناهجها على المدارس، ما أدى إلى حالة من الارتباك والقلق بين الأهالي والمدرسين على حد سواء.
السياق العام
توضح هذه الأزمة استمرار التوتر بين المكونات الدينية المختلفة والإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا، في وقت يطالب فيه الأهالي بحقوقهم التعليمية المشروعة. ويشير المراقبون إلى أن الحلول الجزئية السابقة لم تكن كافية لطمأنة الأهالي وضمان استمرارية التعليم، فيما يرى البعض أن التهدئة والتفاهم بين الكنائس والإدارة الذاتية أصبحا ضرورة عاجلة لمنع تصعيد الأزمة.
ويرى خبراء محليون أن هذه الأزمة تعكس حاجة المنطقة إلى حوار شامل يراعي التنوع الديني والثقافي، ويضمن حماية الحقوق التعليمية لجميع المكونات، بما في ذلك المجتمع المسيحي، مع ضرورة إيجاد آلية للتنسيق بين المدارس والدولة والإدارة الذاتية لتجنب تعطيل العملية التعليمية وحق الطلاب في التعليم الرسمي.