القاهرة وبيروت... عودة الدبلوماسية الاقتصادية بعد ست سنوات من الغياب

2025.11.01 - 04:44
Facebook Share
طباعة

تستعيد القاهرة وبيروت، بعد سنوات من الجمود، دفء العلاقات الثنائية عبر انعقاد الدورة العاشرة لـ«اللجنة العليا المصرية – اللبنانية المشتركة» برئاسة رئيسي الوزراء مصطفى مدبولي ونواف سلام، في خطوة توصف بأنها "عودة قوية للدبلوماسية الاقتصادية" بين البلدين في ظل أزمات إقليمية متشابكة وظروف اقتصادية داخلية دقيقة لدى الجانبين.

ويأتي انعقاد اللجنة، المقرّر الأحد في القاهرة، بعد آخر دورة استضافتها بيروت في مايو (أيار) 2019، شهدت توقيع أربع وثائق تعاون في مجالات تبادل الخبرات الضريبية والاتصالات وترويج الاستثمار واستيراد مواد البناء المصرية، قبل أن تتوقف الاجتماعات بفعل الانهيار الاقتصادي في لبنان وجائحة كورونا.

تعاون متجدد ومذكرات تفاهم جديدة

ووفق بيان لمجلس الوزراء المصري، سيبحث مدبولي وسلام عدداً من الملفات الحيوية ذات الاهتمام المشترك، مع توقيع حزمة من مذكرات التفاهم وبروتوكولات التعاون في قطاعات الصناعة، والطاقة، والزراعة، والتجارة، والتنمية المستدامة.

كما سبقت الاجتماعات التحضيرية، التي عقدت الجمعة في القاهرة، بمشاركة أكثر من 50 جهة مصرية ولبنانية، نقاشات موسعة ركزت على تعزيز التبادل التجاري وتنمية الاستثمارات المشتركة، وخاصة في القطاع الصناعي والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، إلى جانب تبادل الخبرات في مجالات التخطيط والتنمية وبناء القدرات المؤسسية.

أرقام واعدة رغم الأزمات

تشير البيانات الرسمية إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ مليار دولار في عام 2024، بزيادة قدرها 29.3% مقارنة بعام 2023.
وارتفعت الصادرات المصرية إلى لبنان بنسبة 43.8% لتصل إلى نحو 762.8 مليون دولار، بينما تراجعت الواردات اللبنانية إلى 237.7 مليون دولار بانخفاض طفيف نسبته 2.3%، ما يعكس اتجاهاً متزايداً لتعزيز الصادرات المصرية إلى السوق اللبنانية التي تعتمد على تنويع مصادرها في ظل أزماتها المالية المستمرة.

استقبال رسمي ومؤشرات سياسية

شهد مطار القاهرة الدولي، السبت، استقبالاً رسمياً لرئيس الوزراء اللبناني نواف سلام، كان في مقدمة مستقبليه نظيره المصري مصطفى مدبولي، وسط مراسم رسمية عزف خلالها السلامان الوطنيان واستُعرض حرس الشرف.

ومن المقرر أن يشارك سلام أيضاً في حفل افتتاح المتحف المصري الكبير، في إشارة رمزية إلى عمق الروابط الثقافية والتاريخية بين البلدين.

ويحمل توقيت الزيارة بعداً سياسياً واضحاً، إذ تأتي في خضم تصاعد التوترات الإقليمية، وخصوصاً على الجبهة اللبنانية – الإسرائيلية، حيث تلعب القاهرة دوراً محورياً في الوساطة لاحتواء التصعيد في الجنوب اللبناني، كما أكد ذلك رئيس المخابرات المصرية حسن رشاد خلال لقائه الرئيس اللبناني جوزيف عون الأسبوع الماضي في قصر بعبدا، حين شدّد على استعداد بلاده لدعم الاستقرار في لبنان والمساهمة في تهدئة الوضع في غزة والجنوب.

 

تؤكد عودة اجتماعات اللجنة المشتركة بعد ست سنوات من الانقطاع حرص القاهرة على استعادة حضورها في الساحة اللبنانية، خاصة في ظل انكفاء بعض القوى الإقليمية عن الملف اللبناني، فيما يسعى لبنان إلى تنويع شراكاته الاقتصادية للخروج من أزمته المزمنة.

القاهرة تراهن على تعزيز الشراكات العربية – العربية في مواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية الراهنة، فيما يحرص لبنان على الاستفادة من التجربة المصرية في الإصلاح المالي والإداري، خصوصاً في قطاعات البنية التحتية والطاقة والاستثمار الصناعي.

وتُعد هذه الدورة العاشرة للجنة المشتركة فرصة لإعادة رسم خريطة التعاون بين البلدين على أسس جديدة، تُوازن بين البعد السياسي والدور الاقتصادي، في ظل إدراك متزايد لدى الطرفين بأن الاستقرار في لبنان لا ينفصل عن الأمن القومي العربي، وفي مقدمته الأمن المصري.
 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 3