شركة إسرائيلية تضع يدها على مسروقات اللوفر.. تفاصيل أخطر سرقة فنية في أوروبا

2025.11.01 - 11:52
Facebook Share
طباعة

في واحدة من أكثر القضايا غموضًا وإثارة في عالم الجريمة المنظمة، كشفت تقارير صحفية أوروبية أن شركة أمن إسرائيلية تدعى CGI Group كانت على وشك شراء مجوهرات مسروقة من متحف اللوفر في باريس، بعد عملية سرقة جريئة هزت الأوساط الثقافية والفنية العالمية منتصف أكتوبر الماضي.

خيوط أولى في «الشبكة المظلمة»

القصة بدأت بعد خمسة أيام فقط من سرقة المتحف، حين تلقّت الشركة الإسرائيلية رسالة غامضة عبر موقعها الرسمي من شخص ادّعى أنه يمثل اللصوص الذين نفذوا العملية، عارضًا بيع القطع المسروقة عبر «الدارك ويب» مقابل مبالغ ضخمة، بشرط الرد خلال 24 ساعة فقط.

رئيس الشركة، زفيكا نافي، كشف لصحيفة بيلد الألمانية أن فريقه دخل في مفاوضات سرية مع الوسيط المجهول، بالتعاون مع شخص من داخل أوساط متحف اللوفر كان يساعد في التحقق من أصالة القطع المعروضة للبيع. وبعد فحوص دقيقة للصور والبيانات، تأكدت الشركة من أن البائع يمتلك فعلاً جزءاً من المجوهرات الأصلية المسروقة.

صفقة فاشلة وبيروقراطية قاتلة

التحرك السريع للشركة الإسرائيلية كان هدفه الأساسي، بحسب روايتها، «الإيقاع باللصوص» وليس شراء المسروقات. غير أن الخطوة أثارت جدلاً واسعاً، خاصة بعدما تبين أن الشركة كادت توافق مبدئيًا على شروط التبادل قبل أن تُبلغ السلطات الفرنسية.

لكن البيروقراطية الفرنسية – وفقاً للمصادر – عرقلت العملية، إذ استغرقت الجهات المختصة وقتاً طويلاً في التنسيق بين الأجهزة الأمنية والقضائية، ما سمح للعصابة بتغيير مواقعها ووسائل التواصل، وضياع فرصة استعادة المسروقات في الوقت المناسب.

مجوهرات ملكية بقيمة 88 مليون يورو

سرقة اللوفر التي وُصفت بأنها «السرقة الفنية الكبرى في أوروبا خلال العقد الأخير»، استهدفت تسع قطع نادرة من المجوهرات التاريخية تعود لملكات وإمبراطورات فرنسيات من القرن الثامن عشر والتاسع عشر.
القطع المسروقة شملت تيجانا وأقراطاً وقلادات ودبابيس مذهّبة مرصّعة بالألماس والياقوت، وتُقدّر قيمتها الإجمالية بنحو 88 مليون يورو، ما يجعلها من أغلى المقتنيات الفنية التي تعرضت للسطو في أوروبا منذ سرقة لوحات فان غوخ الشهيرة عام 2002.

تتبّع الحمض النووي وسقوط أول الخيوط

وبحسب بيان صادر عن النيابة الفرنسية، تمكّنت السلطات في 26 أكتوبر من توقيف اثنين من المشتبه بهم بعد تتبع آثار الحمض النووي في موقع الجريمة.
أحدهما أُلقي القبض عليه في مطار شارل ديغول أثناء محاولته الهرب إلى الجزائر، فيما تم توقيف الثاني في ضاحية سان دوني الباريسية قبل أن يستقل طائرة إلى مالي.

وفي 30 أكتوبر، أعلنت الشرطة عن توقيف مشتبه به ثالث، بالتزامن مع تقارير إعلامية تحدثت عن خمس اعتقالات إضافية طالت أفراداً يُعتقد أنهم شاركوا في عمليات التهريب والتنسيق اللوجستي عبر الحدود الأوروبية.

 

القضية لم تبق في إطارها الجنائي فقط، إذ فتحت الباب أمام تساؤلات سياسية وأمنية حول دور الشركات الخاصة في التعامل مع مواد مسروقة تحت غطاء «التعاون الأمني».
وسائل إعلام فرنسية وألمانية ألمحت إلى أن دخول شركة إسرائيلية على خط المفاوضات قد يثير شبهات حول تورط وسطاء دوليين لهم خبرة في تجارة الآثار عبر الإنترنت المظلم.

متحف اللوفر بين الفضيحة والإنقاذ

إدارة المتحف حاولت احتواء الأزمة سريعاً بإحاطة التحقيقات بسرية تامة، تجنباً لأي تأثير سلبي على سمعة المؤسسة الثقافية الأشهر في العالم، خصوصاً مع استعداد باريس لاستضافة فعاليات فنية عالمية مطلع العام المقبل.
لكن رغم محاولات التهدئة، يرى خبراء أن هذه الحادثة كشفت ثغرات أمنية خطيرة داخل المتحف، قد تدفع السلطات الفرنسية إلى إعادة هيكلة نظام الحراسة والرقابة الرقمية في المؤسسات الثقافية الكبرى.

 

قضية «مسروقات اللوفر» تتجاوز كونها جريمة سرقة كلاسيكية، لتتحول إلى مرآة تعكس هشاشة النظام الأمني في قلب أوروبا، وتداخل المصالح بين عالم الفن والمال والمخابرات. وبينما لا تزال المجوهرات الملكية مفقودة، تبقى الأسئلة معلقة: من هم اللصوص الحقيقيون؟ وهل كانت الشركة الإسرائيلية مجرد وسيط حسن النية، أم طرفاً في لعبة أكبر من مجرد صفقة على “الدارك ويب”؟

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 3