تل أبيب توسّع حربها شمالاً: غارات إسرائيلية جديدة على لبنان

2025.11.01 - 11:12
Facebook Share
طباعة

في تصعيد جديد، أعلن الجيش الإسرائيلي، صباح السبت، مقتل أحد عناصر "قوة الرضوان" التابعة لحزب الله في غارة جوية استهدفت منطقة النبطية جنوب لبنان، في وقت تتواصل فيه الهجمات الإسرائيلية شبه اليومية رغم الهدوء النسبي المعلن منذ نهاية عام 2024.
الغارة الجديدة تعكس توجهاً إسرائيلياً متزايداً نحو نقل التوتر من غزة إلى لبنان، وسط مخاوف من انزلاق المنطقة إلى مواجهة شاملة.

 

قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن طائراته الحربية "قضت على إرهابي من قوة الرضوان"، زاعماً أن المستهدف كان متورطاً في أنشطة "تهدد أمن إسرائيل".
لكن خلف البيان العسكري الذي حمل نبرة استعراض للقوة، تقف حقائق ميدانية وسياسية تشير إلى أن إسرائيل تواصل خرق تفاهمات وقف إطلاق النار التي رعتها الأمم المتحدة أواخر العام الماضي، وتوسّع دائرة عملياتها في الجنوب اللبناني تحت ذريعة "الردع الوقائي".

مصادر ميدانية لبنانية أكدت أن الغارة الإسرائيلية استهدفت دراجة نارية قرب بلدة شوكين في قضاء النبطية، ما أدى إلى مقتل شخص، بينما سقط آخر في غارة مماثلة على بلدة كونين. وشهدت المنطقة خلال الأيام الأخيرة سلسلة غارات بطائرات مسيّرة إسرائيلية استهدفت مناطق متفرقة من الجنوب، من بنت جبيل إلى العيشية، في مشهد يُعيد أجواء حرب 2006 ولكن بنمطٍ متقطّع ومتعمّد لقياس رد فعل حزب الله.

التصعيد الإسرائيلي يأتي في وقتٍ تحاول فيه بيروت احتواء التوتر. فقد أعلن رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام أن حكومته تعمل على "حشد كل الإمكانات السياسية والدبلوماسية لوقف الانتهاكات الإسرائيلية"، مؤكداً أن مسألة "حصر السلاح ليست شعاراً بل قرار سيادي لا تراجع عنه"، في إشارة ضمنية إلى التنسيق القائم بين الجيش اللبناني والمقاومة لاحتواء التصعيد دون الانجرار إلى حرب مفتوحة.

من جانبه، أصدر الرئيس اللبناني جوزيف عون للمرة الأولى منذ تسلمه المنصب، أوامر مباشرة إلى الجيش بالتصدي لأي توغل عسكري إسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية المحررة، في تطور يعكس تبدلاً في قواعد الاشتباك واحتمال عودة الجيش إلى الواجهة بعد سنوات من اقتصار الردود على حزب الله.

أما في المقلب الإسرائيلي، فيبدو أن المؤسسة العسكرية تسعى لتوظيف التصعيد على الجبهة الشمالية في إطار الضغط الداخلي والسياسي. فمع تصاعد الانتقادات في تل أبيب لأداء الحكومة في غزة، تحاول القيادة العسكرية إظهار أن إسرائيل قادرة على خوض معركة على أكثر من جبهة في آنٍ واحد، وهو ما يفسره مراقبون بأنه "رسالة ردع" لحزب الله أكثر منه تحركاً ميدانياً واسعاً.

ويرى محللون أن قوة الرضوان، وهي التشكيل الأبرز ضمن وحدات النخبة في حزب الله، تشكل هاجساً دائماً للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية، خصوصاً بعد تجربتها في حرب 2006 وقدرتها على نقل المعركة إلى داخل المستوطنات الحدودية عند الضرورة. ولذلك، تسعى إسرائيل إلى استهداف عناصرها في عمليات محددة تهدف إلى إضعاف البنية القيادية للوحدة.

 


منذ حرب غزة، لم تهدأ الجبهة اللبنانية يوماً واحداً. عشرات الغارات الإسرائيلية طالت الجنوب تحت مبررات مختلفة، فيما يتهم لبنان إسرائيل بارتكاب أكثر من 120 خرقاً جوياً وأمنياً خلال الأشهر الأخيرة وحدها.
في المقابل، تلتزم قيادة حزب الله سياسة "الرد المحسوب"، التي تقوم على الرد في المكان والزمان المناسب دون فتح مواجهة شاملة، لتفادي منح إسرائيل ذريعة لحرب واسعة قد تكون واشنطن نفسها غير راغبة فيها حالياً.

لكن استمرار القصف الإسرائيلي، ورفع نبرة التهديدات من تل أبيب، يوحيان بأن المنطقة تقف على حافة مواجهة جديدة قد تبدأ بخطأ واحد على الحدود. فبينما تتحدث إسرائيل عن "إزالة التهديدات"، يرى اللبنانيون في هذه الغارات عدواناً متكرراً على السيادة ومحاولة فرض وقائع ميدانية بالقوة، ما يعزز القناعة بأن الهدنة في الشمال لم تعد قائمة إلا على الورق.
 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 9