إردوغان يعلن استعداد تركيا الكامل لإعمار غزة ويدين مجازر الفاشر

2025.10.31 - 04:58
Facebook Share
طباعة

في موقف يعكس طموح أنقرة للعب دور مركزي في مرحلة ما بعد الحرب في غزة، أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن بلاده «جاهزة بكل إمكاناتها» للمشاركة في جهود إعادة إعمار القطاع، مؤكداً أن تركيا لن تتردد في تقديم الدعم الإنساني واللوجستي والطبي اللازم لـ«تعافي غزة في أقرب وقت ممكن».

جاءت تصريحات إردوغان خلال مؤتمر صحافي في أنقرة، في 30 أكتوبر 2025، حيث تناول الأوضاع الإنسانية في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن «المأساة في غزة لم تعد تحتمل التأجيل، والمجتمع الدولي يجب أن يتحرك فوراً لإنقاذ المدنيين».


دور تركي متجدد في غزة

منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر 2023، تبنّت تركيا خطاباً حاداً ضد تل أبيب، مطالبةً بمحاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين، وبإنشاء ممرات إنسانية آمنة تحت إشراف أممي.

وخلال العام الماضي، أرسلت أنقرة عشرات القوافل من المساعدات الغذائية والطبية عبر مصر، كما استضافت مئات الجرحى لتلقي العلاج في مستشفياتها الحكومية. وفي أبريل 2025، أعلنت وزارة الخارجية التركية عن خطة متكاملة لإعادة إعمار 10 آلاف وحدة سكنية في القطاع، بالتنسيق مع وكالة التعاون والتنسيق التركية (TİKA).

ويرى مراقبون أن إعلان إردوغان الأخير يعيد تفعيل الدور التركي في ملفات ما بعد الحرب، لا سيما في ظل تصاعد الحديث عن ترتيبات "قوة الاستقرار الدولية" التي تقودها الولايات المتحدة لتأمين القطاع، وسط اعتراضات عربية وإقليمية متزايدة على تهميش الأطراف الإسلامية.

 


رسائل مزدوجة: غزة والفاشر

لم تقتصر تصريحات الرئيس التركي على الملف الفلسطيني، إذ أدان بشدة الهجمات التي طالت مدينة الفاشر في شمال دارفور، واصفاً إياها بـ«المروعة»، وداعياً المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لوقف «المجازر» ضد المدنيين هناك.

تأتي هذه التصريحات بعد أيام من تصاعد المواجهات بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في محيط الفاشر، ما أسفر عن مئات القتلى وآلاف النازحين. وقال إردوغان إن «المأساة في السودان تذكير جديد بأن العالم يتجاهل الأزمات الإنسانية حين لا تكون تحت الأضواء»، مشيراً إلى أن تركيا مستعدة للمشاركة في أي جهود وساطة تضمن وقف القتال وحماية المدنيين.

 

يقرأ محللون الخطاب التركي الأخير في سياق محاولة أنقرة استعادة موقعها الإقليمي كفاعل إنساني ودبلوماسي بعد مرحلة من التوترات. فبينما يواجه الاقتصاد التركي تحديات داخلية، تحاول الحكومة إعادة التموضع عبر ملفات إنسانية تمنحها شرعية خارجية ورصيداً سياسياً.

وفي الوقت نفسه، يبدو أن أنقرة تسعى لتأكيد استقلاليتها عن المحاور الإقليمية الكبرى. فبينما تتعاون مع قطر في دعم غزة، تحتفظ بعلاقات حذرة مع مصر والسعودية، وتحاول الموازنة بين مصالحها في البحر المتوسط وارتباطاتها في القوقاز وأفريقيا.

 

مستقبل الدور التركي في الأزمات الإقليمية

من الواضح أن تركيا تراهن على دبلوماسية «القوة الناعمة» لتوسيع نفوذها، عبر الجمع بين المساعدات الإنسانية والوساطة السياسية. ويرى باحثون في العلاقات الدولية أن أنقرة تسعى لطرح نفسها كـ«جسر» بين الشرق الأوسط وأفريقيا، خاصة مع تصاعد النزاعات في السودان وليبيا ومنطقة الساحل.

وفي ظل تراجع فاعلية المؤسسات الدولية التقليدية في مواجهة الأزمات، قد تجد تركيا فرصتها في ملء الفراغ عبر أدواتها التنموية والإنسانية. ومع ذلك، يبقى نجاحها مرهوناً بقدرتها على التنسيق مع القوى الإقليمية الكبرى وتجنب التصعيد مع الغرب، خصوصاً بعد خلافاتها الأخيرة مع الاتحاد الأوروبي بشأن ملفات اللاجئين والطاقة.

 

تصريحات إردوغان ليست مجرد موقف تضامني، بل تحمل رؤية استراتيجية لموقع تركيا في النظام الإقليمي الجديد الذي يتشكل على أنقاض الحروب الممتدة من غزة إلى دارفور. وبينما تسعى أنقرة لإظهار نفسها كقوة راعية للسلام والإنقاذ الإنساني، يترقب المراقبون كيف ستترجم هذه الوعود إلى خطوات عملية، خاصة في ظل التعقيدات السياسية والأمنية التي تحيط بالمنطقتين.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 1