نعيم قاسم: واشنطن راعية العدوان ولبنان يواجه خطرًا حقيقيًا

2025.10.31 - 04:52
Facebook Share
طباعة

صعّد نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، لهجته تجاه الولايات المتحدة، متهمًا إياها بالوقوف خلف التصعيد الإسرائيلي الأخير على الحدود الجنوبية للبنان، واعتبر أن واشنطن "ليست وسيطًا نزيهًا كما تدّعي، بل هي الراعية الأساسية للعدوان وتوسعه في المنطقة"، محذرًا من "خطر حقيقي يهدد لبنان بسبب التوحش الأمريكي والتغول الإسرائيلي".

جاءت تصريحات قاسم خلال كلمة ألقاها في افتتاح "سوق أرضية" في الضاحية الجنوبية لبيروت، في ظل تصاعد القصف الإسرائيلي على المناطق الحدودية اللبنانية، وتزامن ذلك مع سلسلة زيارات لمبعوثين أمريكيين إلى بيروت في محاولة لاحتواء التوتر بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي.

 

 

أكد قاسم أن "الاعتداءات الإسرائيلية تتصاعد كلما أعلن عن زيارة لمبعوث أمريكي إلى لبنان"، معتبرًا أن هذا التزامن "يكشف طبيعة الدور الأمريكي الحقيقي، الذي لا يقوم على الوساطة، بل على تغطية العدوان وتبريره".

وأضاف: "ما هو موقف الولايات المتحدة من أكثر من خمسة آلاف خرق عدواني على لبنان؟ هي دائمًا تبرر وتغطي هذه الاعتداءات بدلًا من إدانتها".
ورأى أن واشنطن تستخدم ملف الحدود الجنوبية كورقة ضغط على لبنان، في وقت ينفذ فيه الجيش اللبناني والمقاومة التزاماتهم بموجب الاتفاقيات السابقة، بينما "تواصل إسرائيل انتهاكاتها دون رادع".

 


رسائل إلى الداخل اللبناني

توجه قاسم في كلمته بانتقادات مبطنة إلى بعض القوى اللبنانية التي تبرر العدوان الإسرائيلي، داعيًا إياها إلى "التوقف عن إعطاء الذرائع للعدو"، وقال:
"تبرير العدوان يخدم العدو، ومن يقاوم يستعيد الأرض، أما من يساوم عليها فيخسرها".

كما دعا الحكومة اللبنانية إلى تحمّل مسؤولياتها في حماية السيادة ووضع خطة واضحة لتمكين الجيش من التصدي للعدوان الإسرائيلي، مؤكدًا أن "موقف رئيس الجمهورية في هذا الشأن مسؤول ويجب دعمه بخطوات عملية".

وأشار إلى أن "لبنان في خطر حقيقي، وكل مكونات الدولة والمجتمع مسؤولة عن مواجهة الاحتلال بحسب دورها"، معتبرًا أن المزارعين الذين يتمسكون بأرضهم في القرى الحدودية "هم السياديون الحقيقيون الذين يدافعون بصمودهم عن هوية لبنان ووحدته".

 

المقاومة والاقتصاد المقاوم

إلى جانب البعد السياسي والعسكري، شدد قاسم على أهمية ما وصفه بـ"الجهاد الزراعي والصناعي"، معتبرًا أن هذا التوجه الذي أطلقه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله "يهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الخارج في ظل العقوبات والضغوط الاقتصادية".

وأشاد بمؤسسة "جهاد البناء" لما تقدمه من دعم للمزارعين والصناعيين، منتقدًا في الوقت ذاته "غياب الدولة عن الاهتمام بالقطاعات الإنتاجية"، داعيًا إلى "إيجاد آليات تسويق تقلل من الفجوة بين المنتج والمستهلك".

وأضاف: "حين ندعم اللبنانيين في كل المناطق، فإننا ندعم لبنان كله. لا نطلب دعماً خاصاً، فقط نرفض الطعن في الظهر وخدمة المصالح الإسرائيلية من داخل الوطن".

 


تصريحات نعيم قاسم تأتي في لحظة شديدة الحساسية، حيث يتزامن تصاعد التوتر الحدودي مع تحركات أمريكية مكثفة في بيروت تهدف إلى منع انزلاق الوضع إلى حرب شاملة بين حزب الله وإسرائيل، في وقت تتزايد فيه المؤشرات على أن المواجهة مرشحة للتوسع.

ويرى مراقبون أن خطاب قاسم يعكس تمسك حزب الله بخيار المقاومة وعدم القبول بأي اتفاق جديد يعيد فتح ملف الحدود أو ينتقص من "قوة الردع" التي راكمها الحزب خلال السنوات الماضية. كما يظهر الخطاب محاولة لتثبيت معادلة الردع السياسي والاقتصادي معًا، عبر ربط مفهوم المقاومة بالدفاع عن الاقتصاد المحلي.


لبنان بين خيارين

في ظل استمرار الغارات الإسرائيلية على الجنوب وتصاعد التهديدات المتبادلة، يبدو لبنان أمام خيارين أحلاهما مرّ: إما الانخراط في جولة جديدة من التصعيد العسكري، أو القبول بوساطات أمريكية يُنظر إليها داخليًا على أنها منحازة.

وبين هذين المسارين، يحاول حزب الله – كما يوحي خطاب قاسم – تثبيت معادلة جديدة: مقاومة على الجبهة، وصمود اقتصادي في الداخل، في مواجهة ما يسميه "التوحش الأمريكي والتغول الإسرائيلي"، وهي معادلة قد تحدد شكل المرحلة المقبلة في لبنان والمنطقة. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 1