الصليب الأحمر يدق ناقوس الخطر: العالم يفقد إنسانيته في ساحات النزاع

2025.10.31 - 04:14
Facebook Share
طباعة

في تحذيرٍ هو الأشد منذ أشهر، ندد المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر، بيار كراهنبول، بتصاعد غير مسبوق في أعمال العنف التي تستهدف العاملين في المجال الإنساني، خاصة في كل من قطاع غزة والسودان، حيث سقط عدد من المتطوعين والكوادر الطبية في ظروف وصفتها المنظمة بـ"الخطيرة والمأساوية".

نمط مأساوي يتكرّر

وفي مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية من المنامة، قال كراهنبول إن “العنف ضد العاملين الإنسانيين في السودان وغزة وغيرهما أصبح نمطاً مأساوياً للغاية”، مشيراً إلى أن الحماية التي كانت توفرها القوانين الدولية "تتآكل بصورة مقلقة"، وسط غياب المحاسبة وتراجع قدرة المنظمات الدولية على الوصول إلى المتضررين.

وأكد المدير العام أن اللجنة الدولية فقدت خمسة من كوادرها هذا الأسبوع وحده في عمليات متفرقة داخل السودان وقطاع غزة، لافتاً إلى أن الهجمات لم تعد "حوادث فردية"، بل أصبحت "سلوكاً متكرراً في بيئات النزاع".

غزة: المساعدات تحت النار

في قطاع غزة، تتعرض فرق الإغاثة لتهديدات متزايدة مع استمرار الحصار الإسرائيلي وتقييد إدخال المساعدات الإنسانية، رغم التحذيرات الدولية من خطر المجاعة والانهيار الصحي.
وتُظهر صور من شمال القطاع متطوعين فلسطينيين وهم يدفعون عربات محملة بأكياس الطحين وسط الركام، في مشهد يلخّص قسوة الواقع الإنساني هناك.

ويشير مسؤولون في الصليب الأحمر إلى أن فرقهم تواجه صعوبات متزايدة في الوصول إلى المستشفيات والمراكز الطبية بسبب القصف المتواصل وغياب التنسيق الآمن، ما أدى إلى توقف بعض القوافل عن العمل مؤقتاً.

وفي الوقت نفسه، أعلنت إسرائيل هذا الأسبوع حظر زيارات اللجنة الدولية للمعتقلين الفلسطينيين، بموجب قانون يستهدف ما تسميه “المقاتلين غير الشرعيين”، وهو قرار وصفته المنظمات الحقوقية بأنه “تكريس لسياسة العقاب الجماعي”.
وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس قال إن الزيارات “قد تضر بأمن الدولة بشكل خطير”، فيما ردّ كراهنبول قائلاً: “لا يمكن لزياراتنا أن تشكّل تهديداً أمنياً أو للأمن القومي، بل هي جوهر القانون الإنساني الدولي”.

السودان: عودة أشباح دارفور

وفي السودان، تتفاقم الأزمة الإنسانية مع استمرار المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع، حيث تحولت مدينة الفاشر في شمال دارفور إلى بؤرة للانتهاكات المروعة.
تقارير الأمم المتحدة تحدثت عن مقتل أكثر من 460 شخصاً في مستشفى الفاشر بعد سيطرة قوات الدعم على المدينة نهاية الأسبوع الماضي، وسط فوضى وانهيار شبه كامل للخدمات الصحية.

تحذيرات المنظمات الدولية تتزايد من احتمال انزلاق الأوضاع نحو تقسيم فعلي للسودان، في ظل غياب سلطة مركزية قادرة على ضبط الميدان أو حماية العاملين الإنسانيين، الذين أصبحوا في مرمى النيران.


تصاعد الهجمات ضد المنظمات الإنسانية في مناطق النزاع يعكس تراجع فاعلية القانون الدولي الإنساني، الذي ينص على حماية المدنيين والعاملين في مجال الإغاثة.
ويحذر هؤلاء من أن استمرار تجاهل هذه الانتهاكات سيقود إلى “انهيار كامل لمفهوم الحياد الإنساني”، خصوصاً في النزاعات المعقدة مثل غزة والسودان واليمن، حيث تتقاطع الأجندات السياسية والعسكرية مع مصالح القوى الإقليمية.

 

وفي ختام حديثه، وجّه كراهنبول نداءً عاجلاً إلى جميع الأطراف المتحاربة لاحترام القانون الدولي، قائلاً:“لا يمكن لأي صراع أن يبرر استهداف من يسعون لإنقاذ الأرواح. العاملون الإنسانيون ليسوا طرفاً في الحرب، لكنهم يدفعون الثمن كل يوم.”

 

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 5