شهدت عدة مدن سورية اليوم الجمعة موجة تظاهرات متزامنة ضد قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، تحت شعار "الجزيرة السورية ليست وحدها"، في مشهد أعاد إلى الأذهان بدايات الحراك الشعبي الرافض للنفوذ الأمريكي وعمليات التقسيم التي تواجهها البلاد منذ سنوات الحرب.
انتشار التظاهرات في مختلف المحافظات
في رأس العين بمحافظة الحسكة، خرج العشرات من الأهالي في تظاهرات واسعة طالبوا خلالها الحكومة السورية بـ"تحرير الجزيرة السورية" من سيطرة "قسد"، رافعين لافتات تدعو إلى "وحدة التراب السوري" ورفض أي مشاريع تقسيم أو فيدرالية.
وفي اللاذقية، خرجت حشود شعبية مرددة شعار "الجزيرة سورية الهوية والأبدية"، مؤكدين دعمهم للدولة السورية في جهودها لاستعادة السيادة الكاملة على الأراضي الشمالية والشرقية.
أما في حماة، فقد انطلقت مسيرات مماثلة ضمن جمعة "الجزيرة ليست وحدها"، في وقت شهدت دير الزور وقفات احتجاجية تندد بما وصفه المشاركون بـ"انتهاكات قسد" ضد المدنيين، خاصة في المناطق الخاضعة لنفوذها شرق الفرات.
وفي حمص، تجمع المئات في ساحة المدينة الرئيسية رافعين الأعلام الوطنية، ومرددين هتافات ضد الإدارة الذاتية، بينما شهدت العاصمة دمشق تظاهرة رمزية أمام ساحة الأمويين تطالب الحكومة السورية بـ"فرض سيادتها على كامل الجغرافيا السورية".
تأتي هذه التظاهرات في وقتٍ تتصاعد فيه التوترات بين "قسد" ودمشق، خاصة بعد رفض الأخيرة الاعتراف بالإدارة الذاتية في شمال شرقي البلاد.
ويرى مراقبون أن اتساع رقعة الاحتجاجات يمثل تحولاً في المزاج الشعبي داخل المناطق الخاضعة لسيطرة قسد، حيث بدأت تتزايد الأصوات المطالبة بعودة مؤسسات الدولة السورية.
كما تشير التظاهرات إلى وجود حراك منسق بين محافظات سورية عدة، ما يعكس وجود دعم رسمي أو شبه رسمي لهذه التحركات، في محاولة لإرسال رسالة مزدوجة إلى واشنطن وحلفائها مفادها أن الوجود الأمريكي وقواته الحليفة لم يعد يحظى بشرعية محلية.
تُسيطر قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، على مناطق واسعة من شمال وشرق سوريا تضم أهم حقول النفط والغاز في البلاد.
وتتهم دمشق "قسد" بالسعي لتكريس مشروع انفصالي تحت غطاء "الإدارة الذاتية"، في حين تقول الأخيرة إنها تعمل على "إدارة محلية ديمقراطية" ضمن سوريا موحدة.
ويأتي تصاعد الغضب الشعبي في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية وتدهور الخدمات في تلك المناطق، حيث تتهم قطاعات واسعة من السكان "قسد" بممارسة سياسات تهميش واعتقال تعسفي وفرض ضرائب غير قانونية على المدنيين.
مع اتساع رقعة التظاهرات، يبدو أن المشهد السوري يدخل مرحلة جديدة من الصراع الداخلي على الشرعية والسيادة، بين حكومة مركزية تسعى لاستعادة السيطرة الكاملة، وقوات مدعومة أمريكياً تتمسك بمكاسبها الميدانية والسياسية.
ويبقى السؤال المطروح: هل تمهد هذه التظاهرات لمرحلة تفاوض جديدة بين دمشق و"قسد"؟ أم أنها مقدمة لمواجهة مفتوحة في شمال شرق البلاد؟