عاد التصعيد العسكري في قطاع غزة ليعيد المجتمع الدولي أمام اختبار قدرة الأطراف المختلفة على الالتزام بوقف إطلاق النار، الذي يبدو معقداً بفعل استمرار التوتر بين إسرائيل وحركة حماس.
ليلة دامية شهدها القطاع بعد غارات مكثفة شنتها قوات الاحتلال، أودت بحياة أكثر من مئة فلسطيني، بينهم 35 طفلاً، وأدت إلى إصابات واسعة بين المدنيين، قبل أن يتم الإعلان عن استئناف وقف إطلاق النار صباح اليوم بناءً على توجيهات المستوى السياسي الإسرائيلي.
وقد أكدت الدول الأوروبية، من بينها ألمانيا وفرنسا، ضرورة العودة إلى الاتفاق لتفادي مزيد من المعاناة الإنسانية.
وزير الخارجية الألماني شدد على ضرورة "ضبط النفس عسكريًا لتجنب معاناة جديدة"، وحث حركة حماس على احترام الاتفاق وتسليم رفات الرهائن المتوفين، وفي الوقت ذاته، أكدت فرنسا أن وقف النار في غزة "مهدد" ويجب العودة إليه بسرعة، مشددة على أهمية التنسيق مع الولايات المتحدة ضمن الإطار الذي وضعته لإرساء الاستقرار في القطاع.
وفي المقابل، ركزت تركيا على الجانب الإنساني والسياسي، واعتبرت أن الهجمات الإسرائيلية تشكل انتهاكًا صريحًا للاتفاق، داعية إلى الالتزام الكامل بوقف إطلاق النار للحفاظ على فرص السلام الدائم في المنطقة.
كما أكدت الحكومة التركية تضامنها مع الشعب الفلسطيني ودعمها لجميع الجهود الرامية لتحقيق سلام شامل وعادل.
تكشف هذه التطورات خلفيات أعمق تتعلق بضعف آليات الرقابة الدولية على تنفيذ اتفاق وقف النار، واعتماد الأطراف على الحلول العسكرية بدلاً من التوافق السياسي، ما يزيد من هشاشة الوضع الأمني في القطاع.
وتشير الوقائع الميدانية إلى أن المدنيين يدفعون الثمن الأكبر، إذ تتحول مناطقهم إلى مسرح للعنف، ويزداد تهديد حياتهم وصحة الأطفال والنساء، فيما تبقى المؤشرات الإنسانية في القطاع حرجة نتيجة تدهور الخدمات الأساسية وانقطاع الكهرباء والمياه.
يرى مراقبون أن الدعوات الدولية المتكررة إلى الالتزام بوقف إطلاق النار توضح إدراك المجتمع الدولي لخطر الانزلاق إلى مواجهة شاملة، لكن ذلك يبقى مرتبطًا بقدرة الأطراف على ترجمة هذه الدعوات إلى إجراءات ملموسة على الأرض.