عقد ليبان بوست يشهد خطوات إنهاء رسمية بعد 25 سنة

2025.10.29 - 03:21
Facebook Share
طباعة

يشكّل ملف البريد في لبنان، وتحديدًا إدارة "ليبان بوست"، واحدة من أكثر القضايا تعقيداً منذ نحو ثلاثة عقود، بعد أن انتقلت إدارة هذا القطاع من الدولة إلى القطاع الخاص وفق عقد BOT عام 1998 ورغم أن العقد كان يفترض أن ينتهي في أيار 2023 مع إطلاق تلزيم جديد، فإن التمديدات المتكررة والإجراءات البيروقراطية وضعت الدولة في موقع المتفرج، والمواطن في موقع المتضرر.

التعديلات الأخيرة: زيادة الشفافية وحصة الدولة

على مدار السنوات الماضية، كرّرت الحكومة اللبنانية تمديد العقد لشركة ليبان بوست سبع مرات متتالية، حتى العام 2023، وغرقت محاولات تلزيم القطاع مجددًا في تفصيل دفاتر الشروط بما يخدم مصالح خاصة. التعديل الأخير للعقد زاد حصة وزارة الاتصالات من إيرادات ليبان بوست من 5% إلى 12%، مع فرض مراجعة مالية سنوية لضمان الشفافية وتحصيل مستحقات الدولة، إضافة إلى دراسة جدوى شاملة وتحليل السوق وربط بدلات الإشغال بالمؤشرات الاقتصادية والتضخم.

تحديات لوجستية وأداء ضعيف:

رغم هذه الخطوات، لا تزال الشركة تعاني من مشاكل لوجستية وكوادر غير جاهزة، ما أدى إلى شكاوى متكررة من المواطنين بسبب بطء إنجاز المعاملات وازدحام المكاتب، حتى في العمليات القانونية الأساسية مثل البريد المكفول لتطبيق قوانين الإيجارات. المشكلة تكمن في غياب الإرادة السياسية للإصلاح منذ البداية، ما سمح للشركة بالاستمرار بمنافع غير مستحقة وفرض عبء إضافي على المواطنين.

الخسائر المالية على الدولة:

كشف تقرير ديوان المحاسبة لعام 2021 أن البريد قبل التلزيم كان يدرّ نحو 5.5 مليون دولار سنويًا للخزينة، في حين انخفض العائد بعد التلزيم إلى 3.4 ملايين دولار على مدار عشرين عامًا، أي بمعدل 170 ألف دولار سنويًا فقط هذا الانخفاض الكبير يعكس ضعف الرقابة والسيطرة على القطاع طوال العقود الماضية.

تحرك الحكومة الحالية: مزايدة جديدة قريبة

مع تولّي وزير الاتصالات الحالي شارل الحاج الملف، هناك مؤشرات على تحرك قريب لإطلاق مزايدة جديدة لنقل إدارة البريد إلى ملتزم جديد، وفق منهجية أكثر شفافية وانضباطًا، مع الاستعانة بخبراء اختصاصيين لضمان تقييم دقيق للمرافق والخدمات. يبقى السؤال المطروح: هل ستتمكن الحكومة من كسر حلقة التأجيل المستمرة منذ 25 عامًا، أم سيستمر المواطنون في دفع ثمن تراكمات الإهمال والتأجيل؟

استعادة المرفق العام: اختبار جدية الحكومة

في المحصّلة، يبدو أن ملف البريد لم يعد مجرد قطاع خدمي، بل اختبار لجدية الحكومة في تطبيق الإصلاحات واستعادة المرفق العام، مع مراعاة التوازن بين مصالح الدولة والمواطنين وضمان الشفافية في العقود القادمة. نجاح هذه الخطوة سيكون بمثابة طي صفحة عقد امتدت لعقود وأثقلت كاهل الدولة والمواطنين، وفشلها سيكرّس نموذج المحاباة والجمود الإداري الذي طال هذا القطاع الحيوي منذ العام 2001. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 9