وصل الرئيس السوري أحمد الشرع إلى العاصمة السعودية الرياض، اليوم الثلاثاء، للمشاركة في مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار"، في زيارة تُعد الأبرز من نوعها منذ استعادة دمشق مقعدها في الجامعة العربية، وتعكس عودة سوريا التدريجية إلى الساحة الإقليمية، لا سيما في المجالين الاقتصادي والسياسي.
أفادت وكالة الأنباء السورية أن الرئيس الشرع وصل صباح اليوم إلى مطار الملك خالد الدولي، حيث كان في استقباله وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، ونظيره السوري أسعد الشيباني. ومن المقرر أن يلتقي الشرع خلال الزيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في اجتماع يتوقع أن يتناول ملفات التعاون الثنائي، وإعادة تنشيط العلاقات الاقتصادية بين البلدين، إضافة إلى بحث التطورات الإقليمية، خصوصاً ما يتعلق بسوريا وملف إعادة الإعمار وعودة الاستثمارات الخليجية.
"مفتاح الازدهار".. منصة لتكامل المصالح
تُقام مبادرة مستقبل الاستثمار هذا العام تحت شعار "مفتاح الازدهار"، وتستمر حتى يوم الخميس المقبل، بمشاركة أكثر من 8 آلاف شخصية من 100 دولة، بينهم قادة دول وحكومات، ومسؤولون اقتصاديون، ورواد أعمال عالميون. ويُنظر إلى المؤتمر باعتباره منصة استراتيجية لتشكيل ملامح الاقتصاد العالمي الجديد، وتعزيز الاستثمارات في مجالات الطاقة المتجددة، والتقنيات المستقبلية، والذكاء الاصطناعي.
من العزلة إلى الشراكة
تأتي زيارة الرئيس السوري إلى السعودية في توقيت حساس، إذ تسعى دمشق إلى كسر الجمود الذي يلف مسار إعادة الإعمار، وسط استمرار العقوبات الغربية المفروضة بموجب قانون "قيصر"، الذي تستخدمه واشنطن كأداة ضغط لمنع أي انفتاح اقتصادي على سوريا. وتقرأ أوساط دبلوماسية مشاركة الشرع في المؤتمر على أنها رسالة عربية واضحة برغبة في إعادة إدماج سوريا ضمن النظام الإقليمي، عبر بوابة الاقتصاد لا السياسة فقط.
من القطيعة إلى الانفتاح التدريجي
بعد أكثر من عقد من العزلة، بدأت العلاقات السورية–السعودية تتخذ منحى أكثر انفتاحاً منذ عام 2023، مع عودة التمثيل الدبلوماسي الكامل بين البلدين، وزيارات متبادلة على مستوى الوزراء. ويُتوقع أن تسهم هذه الزيارة في توسيع هامش التعاون الاقتصادي، خصوصاً في قطاعات الطاقة، والإعمار، والزراعة، والاتصالات، بما يفتح الباب أمام استثمارات خليجية جديدة داخل سوريا.
رغم أن المؤتمر الاقتصادي في جوهره منصة للاستثمار، إلا أن مشاركة الرئيس السوري تعطيه بعداً سياسياً بالغ الأهمية، يُعيد رسم خريطة العلاقات بين دمشق والرياض. ومن المنتظر أن تحدد نتائج اللقاءات الثنائية المرتقبة ما إذا كانت المرحلة المقبلة ستشهد تحولاً من “الانفتاح الرمزي” إلى “الشراكة العملية”، في مشهد قد يعيد تعريف موقع سوريا في المنطقة بعد سنوات من العزلة.