من الموساد إلى الطموح السياسي.. يوسي كوهين يفتح معركة الخلافة داخل إسرائيل

2025.10.28 - 09:47
Facebook Share
طباعة

في الوقت الذي تتسع فيه دوائر الغضب داخل المجتمع الإسرائيلي عقب حرب غزة، خرج رئيس "الموساد" السابق يوسي كوهين بتصريحات أثارت ضجة واسعة، حين أشار إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "لمّح إليه سابقاً بأنه وريثه السياسي"، في إشارة تكشف حجم التنافس الخفي داخل معسكر اليمين الإسرائيلي، وتسلط الضوء على مرحلة ما بعد نتنياهو التي تبدو أقرب من أي وقت مضى.

 


كوهين، الذي يعد أحد أكثر الشخصيات نفوذاً في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية خلال العقد الأخير، تحدث خلال مؤتمر عقد في متحف التراث اليهودي بنيويورك عن مستقبل القيادة في إسرائيل، قائلاً: "عندما كنت رئيس الموساد، لمّح نتنياهو إلى أنني وريثه... لكن الأمور تغيرت جذرياً بعد السابع من أكتوبر، وهناك حاجة إلى قيادة جديدة".

هذه التصريحات، رغم ما حملته من تحفظ في الشكل، جاءت في مضمونها لتؤكد أن معسكر نتنياهو بدأ بالفعل يفقد تماسكه الداخلي. فبعد أكثر من عامين على اندلاع حرب غزة وتعرض الجيش الإسرائيلي لهزائم استراتيجية، أصبحت فكرة "الخلافة السياسية" مطروحة علناً داخل دوائر الحكم، بعد أن كانت محرّمة سابقاً.

ويرى مراقبون في تل أبيب أن ظهور كوهين في هذا التوقيت ليس مصادفة، بل يعكس رغبة النخبة الأمنية في إعادة تموضعها استعداداً لمرحلة ما بعد نتنياهو، خصوصاً بعد أن تآكلت مكانة الأخير داخلياً وخارجياً إثر فشله في تحقيق أهداف الحرب على غزة، وتزايد الانتقادات من عائلات الأسرى وضباط الجيش على حد سواء.

أما تصريحات كوهين حول اتفاق تبادل الأسرى مع حركة "حماس"، فقد حملت رسائل مزدوجة؛ إذ وصفه بأنه "ليس مثالياً لكنه ضروري"، في ما بدا تلميحاً إلى قبول المؤسسة الأمنية بحتمية التهدئة رغم رفض اليمين المتطرف. كما هاجم دور قطر زاعماً أنها "موّلت الإرهاب"، ما فُهم كرسالة سياسية لتبرئة الموساد من الاتهامات بالفشل في مراقبة التمويل.

في المقابل، أثارت إشارات كوهين إلى احتمال "سقوط النظام الإيراني" تساؤلات في الأوساط الإسرائيلية حول مدى واقعية تلك الرؤية، خاصة في ظل انشغال تل أبيب بأزماتها الداخلية. فبينما يحاول كوهين رسم صورة رجل الدولة القادر على مواجهة "التهديدات الإقليمية"، يرى محللون أن خطابه موجّه أساساً إلى الجمهور اليميني الباحث عن بديل "آمن" لنتنياهو.

وتشير تحليلات داخل صحيفة معاريف إلى أن المؤسسة الأمنية في إسرائيل تعيش حالة غير مسبوقة من التسييس والانقسام، حيث تحوّل قادة الأجهزة السابقة إلى طامحين سياسيين، في حين يواجه نتنياهو حملة متصاعدة للمطالبة باستقالته.

 

تأتي تصريحات كوهين في لحظة فارقة بالنسبة لإسرائيل، التي تعيش ما يسميه بعض الخبراء "أزمة قيادة وطنية". فبعد فشل الحكومة في إدارة الحرب على غزة وتدهور الثقة الشعبية في المؤسستين السياسية والعسكرية، لم يعد الحديث عن "وريث نتنياهو" مجرد تكهنات إعلامية، بل أصبح انعكاساً لأزمة نظام كاملة تتآكل من الداخل.

ومع تصاعد التصدعات بين التيارات السياسية والأمنية، يبدو أن إسرائيل تتجه إلى مرحلة "صراع داخل الدولة العميقة"، حيث يتنافس رجال الاستخبارات السابقون على إرث سياسي مثقل بالفشل والعزلة الدولية، في ظل تراجع المشروع الصهيوني عن صورته القديمة كـ"دولة الأمن المطلق".

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 10