تتسارع الأزمة الاقتصادية في إسرائيل، حيث تراكمت الديون بشكل غير مسبوق على الأفراد والشركات الصغيرة والمتوسطة، ما يضع النظام المالي والمجتمع أمام تحديات جسيمة.
هذا الواقع يعكس هشاشة الاقتصاد الإسرائيلي، الذي انهار بفعل الحرب المستمرة على قطاع غزة، وانخفاض القدرة الإنتاجية، وتعطل سلاسل التوريد، وارتفاع التضخم، فضلاً عن تراجع الثقة لدى المواطنين والمؤسسات. مع تسجيل ارتفاع في معدلات البطالة، أصبحت الديون الفردية تمثل عبئًا متزايدًا على الأسر، إذ اضطر عدد كبير من المواطنين للجوء إلى الاقتراض لتغطية احتياجاتهم الأساسية، قبل أن يفشلوا في سداد الالتزامات المترتبة عليهم.
وفق تقرير صحيفة "معاريف" العبرية، بلغ عدد القضايا المفتوحة لدى مكتب تنفيذ الأحكام القضائية نحو مليوني قضية، منها حوالي 378 ألف قضية فُتحت عام 2024 وحده، أي بارتفاع 25% خلال سنة واحدة. معظم هذه القضايا تخص الشركات الصغيرة والمتوسطة في المناطق النائية، بقيم مالية تتجاوز 100 ألف شيكل (نحو 31 ألف دولار)، في حين شملت نسبة كبيرة من القضايا الفردية مبالغ أصغر، تتراوح حتى 20 ألف شيكل (6100 دولار)، مع تسجيل زيادة ملحوظة في المناطق الحضرية ذات المستوى الاجتماعي والاقتصادي المرتفع. هذا التراكم الهائل يمثل ضغطًا كبيرًا على نظام القضاء، ويبرز الحاجة إلى إصلاحات عاجلة لإدارة الأزمة المالية والحد من تأثيرها على المواطنين والشركات على حد سواء.
الضغوط الاقتصادية لم تقتصر على الأفراد والشركات الصغيرة، بل طالت الشركات الكبرى أيضًا، مثل شركة "شاؤول غوئيتا" الإسرائيلية العاملة في الحديد والخردة بمدينة أسدود، التي انهارت بعد أن تراكمت ديونها إلى نحو 105 ملايين شيكل (32 مليون دولار). انهيارها جاء نتيجة حظر تجاري فرضته تركيا على تل أبيب، حيث كانت تعتمد على السوق التركي بنسبة 70% من صادراتها، مما أدى إلى توقف نشاطها وإصدار المحكمة قرارًا بتعيين وصي قانوني لإدارة أصولها.
مع هذه الأرقام، يبدو أن الاقتصاد الإسرائيلي يواجه أزمة ائتمانية حقيقية ارتفاع أسعار الفائدة، التضخم المستمر، وتراجع القدرة الشرائية للأسر ساهمت في زيادة طلبات تسوية الديون، ما يعكس ضعف قدرة المؤسسات على الوفاء بالتزاماتها المالية.
وفق خبراء، الخروج من هذه الأزمة يتطلب الاعتراف بالواقع الاقتصادي وإعادة بناء استراتيجيات مالية طويلة الأجل، تركز على تعزيز السيولة، وتخفيف الضغط على المواطنين، وتحفيز الشركات الصغيرة والمتوسطة للحفاظ على العمود الفقري للاقتصاد المحلي.
تداعيات هذه الأزمة الاقتصادية والاجتماعية كبيرة، فهي تهدد استقرار السوق الداخلي وتزيد من الفقر بين الفئات الضعيفة، وتضعف ثقة المستثمرين المحليين والأجانب، ما قد يؤدي إلى موجة إفلاسات إضافية وتأخير التعافي الاقتصادي بعد الحرب. ويحتاج النظام القضائي والمالي إلى خطط عاجلة لإدارة الأزمة، وتوفير آليات تسوية مناسبة، بحيث تساهم في استعادة الاستقرار المالي والاجتماعي في البلاد.