تواجه صحة الأطفال والفتيات المراهقات في لبنان تحديات متزايدة، تتجلى في فجوات التغذية والتأخر النمائي لدى الأطفال، كما أظهر المسح اللبناني المتكامل للمغذيات الدقيقة وتطور الطفولة المبكرة "ليما" خلال عامي 2023–2024 تكشف البيانات عن واقع صعب يفرض على الدولة والمجتمع المدني تبني سياسات أكثر شمولية واستدامة، ولاسيما في مجال التغذية والصحة المبكرة، لضمان نمو الأطفال بشكل سليم والحد من المخاطر الصحية المستقبلية.
وقالت النائب عناية عز الدين، رئيسة لجنة المرأة والطفل، إن الاجتماع الأخير خصص لمناقشة قانون حماية القاصرين من مشروبات الطاقة والكحول، ونتائج مسح "ليما"، مؤكدة أن هذه المبادرات تشكل أدوات مهمة لحماية الأطفال وضمان رفاههم الصحي.
أضافت أن القانون سيسهم في الحد من تعرض القاصرين لمخاطر صحية، بينما يوفر المسح بيانات دقيقة لدعم السياسات والبرامج الموجهة للأطفال والفتيات المراهقات.
كشف المسح أن معدلات الرضاعة الطبيعية الحصرية بلغت 23% فقط، وأن معظم الأطفال يستهلكون أنظمة غذائية منخفضة الجودة، ولا يحقق سوى 11% منهم المعايير الغذائية الدنيا، ما يؤدي إلى تفاقم التأخر النمائي والتقزم، الذي يؤثر على أكثر من 30% من الأطفال دون الخامسة. هذه النتائج تعكس عدم كفاية البرامج الوطنية لتأمين التغذية المتوازنة، وتوضح الحاجة الماسة لتعزيز الوعي الغذائي لدى الأسر وتوسيع نطاق الخدمات الصحية.
أما الفتيات المراهقات والنساء، فتعاني واحدة من كل ثلاث فتيات من زيادة في الوزن أو السمنة، في حين يعاني الكثير منهن نقصاً في المغذيات الدقيقة، ما يهدد الصحة العامة ويزيد من مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة مستقبلاً. ويؤكد المسح أن التركيز على التغذية والتعليم المبكر والتدخلات الصحية المتكاملة ضرورة حتمية لمعالجة هذه القضايا.
وأوصى المسح بتوسيع برامج التغذية وتنمية الطفولة المبكرة خلال الألف يوم الأولى من حياة الطفل، دمج الخدمات عبر مختلف المنصات، تطبيق القوانين الخاصة بتسويق الأغذية غير الصحية، وإعطاء الأولوية لتغذية الفتيات المراهقات والنساء من خلال سياسات شاملة ومستدامة. هذه الإجراءات تشكل خطوة استراتيجية للحد من العبء الثلاثي لسوء التغذية، وتحقيق تنمية بشرية مستدامة في لبنان، بما يسهم في بناء جيل أكثر صحة وقدرة على مواجهة تحديات المستقبل.