إسرائيل ترفض مشاركة تركيا في القوة الدولية المقترحة لغزة

2025.10.27 - 03:19
Facebook Share
طباعة

في خطوة تكشف عن عمق التوتر بين تل أبيب وأنقرة، أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رفض بلاده القاطع لمشاركة تركيا في أي قوة دولية مقترحة لحفظ السلام في قطاع غزة، مشيرًا إلى أن القرار أُبلغ رسميًا إلى واشنطن.

هذا الموقف الإسرائيلي، الذي جاء خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الهنغاري بيتر سيارتو، لا ينفصل عن التراكمات السياسية والاقتصادية التي اتسمت بها العلاقات بين الطرفين، والتي تشهد منذ أكثر من عامين تصعيدًا متبادلًا في الملفات الإقليمية، وعلى رأسها الحرب في غزة والملف الفلسطيني عمومًا.

 

أنقرة في مرمى الشك الإسرائيلي

وصف ساعر السياسة التركية بأنها "عدائية دبلوماسيًا واقتصاديًا"، في إشارة إلى المواقف التركية الداعمة للفلسطينيين، والتصريحات الحادة التي يطلقها الرئيس رجب طيب أردوغان ضد إسرائيل منذ اندلاع الحرب على غزة.
وترى دوائر إسرائيلية أن وجود تركيا في أي بعثة دولية داخل القطاع يمثل تهديدًا مباشرًا لأمن إسرائيل، بالنظر إلى علاقات أنقرة الوثيقة مع حركة حماس، ووجود دعم تركي علني لمشروعات إنسانية واجتماعية في غزة.

 

التزام بخطة ترامب واستبعاد أي بديل

أكد ساعر تمسك حكومته بـ"خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام"، المعروفة إعلاميًا بـ"صفقة القرن"، معتبرًا أن نجاحها "مرهون بالتزام جميع الأطراف المعنية"، في تلميح إلى رفض إسرائيل أي مبادرة جديدة قد تُقصي واشنطن عن المشهد.
ويعكس هذا التصريح رغبة إسرائيل في الحفاظ على المسار الأمريكي الأحادي في إدارة الملف الفلسطيني، وتجنب أي تدخل إقليمي أو دولي – خاصة من قوى إسلامية مثل تركيا – قد يعيد تشكيل موازين القوى داخل القطاع.

 


ضغوط على السلطة الفلسطينية

لم يكتفِ الوزير الإسرائيلي بمهاجمة تركيا، بل وجّه أيضًا اتهامات حادة إلى السلطة الفلسطينية، متهمًا إياها بمواصلة "التحريض ضد إسرائيل" بغطاء أوروبي، ودعا الاتحاد الأوروبي إلى "محاسبتها على دفع الرواتب لمنفذي العمليات".
وأضاف أن قبول السلطة الفلسطينية في أي ترتيبات سياسية مستقبلية "مرهون بإصلاحات حقيقية ووقف تمويل الإرهابيين وعائلاتهم"، في إشارة إلى سياسة الرواتب التي تُصرف لأسر الأسرى والشهداء الفلسطينيين.


رفض إسرائيل لأنقرة... أكثر من موقف سياسي

يُظهر الرفض الإسرائيلي لمشاركة تركيا في القوة الدولية المقترحة هواجس أمنية واستراتيجية تتجاوز مجرد الخلافات الدبلوماسية.
فمن وجهة نظر تل أبيب، يمثل دخول أنقرة على خط الترتيبات الميدانية في غزة اختراقًا سياسيًا لمجال النفوذ الإسرائيلي الأمريكي في القطاع، ويهدد بتحويل القوة الدولية إلى منصة لتعزيز الدور التركي في المنطقة، على غرار ما حدث في شمال سوريا وليبيا.

كما أن تل أبيب تخشى من أن تستخدم أنقرة أي وجود ميداني في غزة لتقوية شبكات نفوذها الإنساني والاستخباراتي، خصوصًا مع تصاعد الدور التركي في دعم الإعمار واحتضان شخصيات من حركة حماس على أراضيها.


غزة بين الرفض الإسرائيلي والطموح التركي

تأتي التصريحات الإسرائيلية في وقت تتسارع فيه التحركات الدولية لرسم ملامح اليوم التالي في غزة، وسط تباين في الرؤى بين واشنطن، وأنقرة، والدول العربية.
ورغم أن فكرة القوة الدولية لا تزال قيد النقاش، إلا أن استبعاد تركيا من المعادلة يطرح تساؤلات حول هوية الأطراف المقبولة إسرائيليًا في أي ترتيبات مستقبلية، ومدى قدرة المجتمع الدولي على فرض صيغة توازن بين الأمن الإسرائيلي والمطالب الإنسانية الفلسطينية.
 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 1