الجدل حول صندوق الاغتراب تجاوز كونه مسألة قانونية ليصبح مؤشرًا واضحًا على أزمة الصلاحيات بين الحكومة ومجلس النواب.
الاشتباك الحالي يتركز بين رئيس البرلمان نبيه بري والمعارضة حول بند اقتراع المغتربين، إذ يتباين فهم “أثر” الصندوق بين تقييد تمثيل المغتربين بستة مقاعد رمزية أو السماح لهم بالمشاركة الكاملة عبر دوائرهم الأصلية كما حصل في 2018 و2022.
تأثير الهواجس الأمنية:
تأتي هذه الأزمة في ظل هواجس أمنية متزايدة على وقع الاعتداءات الإسرائيلية في البقاع والجنوب، ما يضيف بعدًا سياسيًا حساسًا، هناك خشية من استغلال الوضع الأمني كذريعة لتأجيل الانتخابات، سواء تحت شعار الأمن أو بحجة تعديل القانون لضمان حق المغتربين في الاقتراع هذا السيناريو يزيد من التعقيد ويضع الضغوط على جميع الأطراف السياسية.
الاشتباك التشريعي:
وفق وسائل إعلام محلية فإن الحكومة ترمي المسؤولية على مجلس النواب، فيما يرفض بري إدراج بند صندوق الاغتراب على جدول الأعمال، معتبرًا أن أي تعديل قد يُفهَم على أنه تمهيد لتأجيل الانتخابات.
في المقابل، المعارضة تلوّح بمقاطعة الجلسات إذا لم يتم إدراج البند، ما يهدد بشلل تشريعي ويكشف مدى تعقيد توزيع الصلاحيات بين البرلمان والحكومة.
تباين الرؤى حول صندوق الاغتراب:
الرؤية الأولى تعتبر أن تقييد المقاعد بستة فقط يحمي الواقعية الإدارية ويجنب تعقيدات الاقتراع الدولي، بينما الرؤية الثانية ترى أن هذا التقييد يهمل حقوق المغتربين ويحوّل مشاركتهم إلى رمزية تمثيلية، رغم تجربتي 2018 و2022 التي أثبتتا إمكان مشاركتهم الكاملة في اختيار النواب وفق دوائرهم الأصلية.
السيناريوهات المستقبلية:
الأزمة الحالية تضع لبنان أمام خيارات محدودة: إما التوصل إلى تفاهم سياسي يضمن الانتخابات في موعدها ويحفظ حقوق المنتشرين، أو استمرار الجمود الذي قد يؤدي إلى شلل مؤسساتي وتأجيل مقنّع للانتخابات أي مخرج مستدام يحتاج إلى توافق يوازن بين الحفاظ على الروزنامة الانتخابية وضمان مشاركة فعلية للمغتربين كشركاء في العملية الديمقراطية.