خلفيات تحرك الاغتراب اللبناني في فرنسا نحو السيادة والإصلاح
في خضم التعقيدات السياسية اللبنانية وتراجع الثقة الداخلية والخارجية بالدولة، برزت تحركات لجنة التنسيق اللبنانية–الفرنسية (CCLF) في باريس بين 17 و22 تشرين الأول 2025 كمحاولة لإعادة طرح لبنان من بوابة الاغتراب، لا كقضية معونة إنسانية فحسب، بل كقضية سيادة وإصلاح ودولة قانون.
اللقاءات التي جمعت ممثلين عن اللجنة مع مجلس الشيوخ الفرنسي ووزارة أوروبا والشؤون الخارجية وسفير لبنان، جاءت في لحظة فارقة تتقاطع فيها الإرادة الدولية لإحياء مسار الإصلاح مع مأزق السلطة اللبنانية العاجزة عن ترجمة وعودها.
البيان الختامي للجنة لم يكن تقنياً بقدر ما كان سياسياً، إذ حمل رسائل واضحة إلى الداخل والخارج.
في الداخل، هو إنذار للنخب الحاكمة بأن المجتمع اللبناني في فرنسا، ومعه جزء من النخبة الفكرية اللبنانية، يرفض استمرار ازدواجية السلطة واحتكار السلاح، ويدعو بوضوح إلى استعادة الدولة لسيادتها على كامل أراضيها.
وفي الخارج، هو تذكير للفرنسيين بأن دعم لبنان لا يمر فقط عبر المساعدات، بل عبر إعادة تفعيل الضغط الدبلوماسي لحماية الدستور واتفاق الطائف.
اللافت في البيان تركيزه على إنصاف المغتربين اللبنانيين في العملية الانتخابية، عبر تعديل المادتين 112 و122 من قانون الانتخاب بما يضمن تصويتهم ضمن دوائرهم الأصلية.
، هذا البند يحمل بعداً سياسياً أعمق مما يبدو، إذ يعكس رغبة الجاليات اللبنانية في التحول من دور الدعم المالي إلى دور التأثير الفعلي في القرار الوطني، بما يربط الاغتراب مجدداً بمصير الدولة الأم.
كما أن إدراج مطلب “الانسحاب الإسرائيلي الفوري وغير المشروط من الأراضي اللبنانية” يعيد التوازن إلى الخطاب السيادي، بحيث لا يقتصر على نقد السلاح الداخلي، وانما يضع الاحتلال الخارجي في ميزان واحد مع الانتهاكات الداخلية. هذا الطرح يعكس اتجاهاً لبنانياً جديداً داخل أوساط الاغتراب يسعى لتثبيت مفهوم السيادة الشاملة: لا سلاح خارج الدولة، ولا احتلال خارج الحدود.
تحرك لجنة CCLF، في جوهره، يعبّر عن عودة المغتربين إلى قلب النقاش الوطني من موقع الشريك لا المراقب وفي ظل غياب الثقة الداخلية، قد يشكل هذا المسار أحد مداخل إعادة بناء الدولة اللبنانية انطلاقاً من الخارج، عبر شبكة ضغط دبلوماسية ومدنية تمتلك شرعية اغترابية ومصداقية في الغرب.
