تتسارع وتيرة عودة اللاجئين السوريين من لبنان إلى بلادهم هذا العام، في تحرك يُعد الأوسع منذ أكثر من عقد، بعدما أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن عدد العائدين بلغ 300 ألف لاجئ منذ مطلع 2025.
البرنامج المنفذ بالتعاون بين المفوضية والسلطات اللبنانية والسورية يسعى إلى تسهيل العودة الطوعية لمن يرغب بالاستقرار داخل مناطقه، مع تقديم وسائل النقل والمساعدات الأولية وضمان متابعة أوضاع العائدين بعد وصولهم.
في الدفعة السادسة التي نُظمت هذا الأسبوع، عبر 400 لاجئ من معبر العريضة بريف طرطوس متجهين نحو مدينتي حمص وإدلب، في وقت تستعد المفوضية لتنظيم قوافل جديدة خلال المرحلة المقبلة، وسط توقعات بارتفاع الأعداد مع تحسن الأحوال الميدانية في بعض المناطق السورية.
تصف الجهات الأممية هذه العودة بأنها تطور مهم في مسار معالجة أزمة اللجوء الممتدة منذ 2011، لكنها تضع في الواجهة تساؤلات حول قدرة الداخل السوري على استيعاب مئات الآلاف في ظل ضعف البنية التحتية وندرة فرص العمل وتراجع الخدمات الأساسية.
في لبنان، يُنظر إلى عودة اللاجئين كخطوة لتخفيف الضغط عن الاقتصاد المنهك الذي يعاني من انهيار مالي حاد منذ سنوات، فيما تسعى الحكومة لتنظيم حركة العودة ضمن خطة مرحلية توازن بين الأوضاع الإنسانية والتزاماتها الدولية.
يرى خبراء في قضايا النزوح أن العودة الحالية تحمل بعدًا مزدوجًا، فهي من جهة استجابة لرغبة أعداد من اللاجئين في العودة إلى ديارهم بعد طول معاناة، ومن جهة أخرى نتيجة لتفاقم الأوضاع المعيشية في لبنان وغياب الحلول الدائمة.
المفوضية الأممية بدورها تواصل متابعة أوضاع العائدين عبر برامج دعم ميدانية تشمل تقديم منح نقدية ومواد أساسية ومساعدة في إعادة الاندماج المجتمعي، كما تعمل على مراقبة سلامة العائدين والتأكد من أن خطوات العودة تتم بإرادتهم الحرة وفي ظروف تضمن الكرامة والأمان.
ويبقى نجاح هذا المسار رهناً بقدرة سوريا على استيعاب العائدين وتأمين أساسيات الحياة، إلى جانب استمرار التنسيق بين الجانبين اللبناني والسوري في إطار يعيد التوازن إلى ملف اللجوء الذي أنهك البلدين على مدى أكثر من عقد.