أعلنت الحكومة التركية يوم الجمعة 24 من تشرين الأول، تعيين نوح يلماز سفيرًا لها في سوريا، بعد إعادة افتتاح سفارتها في دمشق في 14 كانون الأول 2024، وذلك عقب ستة أيام فقط من سقوط النظام السوري السابق. وكان السفير المؤقت برهان كور أوغلو قد تولّى إدارة السفارة منذ ذلك الحين، لحين اختيار سفير دائم.
وكانت تركيا قد أغلقت سفارتها في سوريا في 26 من آذار 2012، ضمن إجراءات الضغط على النظام السوري السابق، لكنها حافظت على نشاط قنصليتها العامة في إسطنبول. وكان آخر سفير تركي في دمشق هو عمر أونهون، قبل سحب تركيا للسفراء ضمن تلك الإجراءات.
يقود يلماز حاليًا اللجنة التقنية التنسيقية التابعة لـ”المجلس الاستراتيجي الأعلى” المعني بالملف السوري، والتي تشرف على ملفات اللاجئين، الطاقة، التجارة، المعابر، المساعدات الإنسانية، والجوانب الميدانية. وتعمل اللجنة تحت إشراف وزارة الخارجية التركية، كحلقة وصل بين القرارات السياسية العليا والتنفيذية على الأرض، بالتنسيق مع الجهات السورية المعنية.
السيرة الذاتية لنوح يلماز
وُلد نوح يلماز عام 1974 في إسطنبول، ويجمع بين الخبرة الأكاديمية والإعلامية والدبلوماسية والاستخباراتية. تولى منصب نائب وزير الخارجية التركي منذ أيار 2024، وكان قبلها رئيسًا لمركز البحوث الاستراتيجية في وزارة الخارجية التركية، ومستشارًا أول للوزير منذ حزيران 2023.
وقضى يلماز عشر سنوات في جهاز الاستخبارات الوطني التركي (MIT) بين عامي 2013 و2023، ما أكسبه خبرة واسعة في الملفات الأمنية والسياسية الإقليمية، لا سيما في الشرق الأوسط.
كما كان ناشطًا في المجال الإعلامي والأكاديمي، إذ أدار مكتب مؤسسة SETA في واشنطن بين 2008 و2011، وعمل مراسلًا وممثلًا لقنوات تركية مثل CNN Türk وATV و24 TV، وكتب مقالات سياسية وتحليلات في صحيفة ستار التركية.
على الصعيد الأكاديمي، درس يلماز في جامعات تركية وأمريكية عدة، منها جامعة جورج ميسون وجامعة مرمرة، كما شارك كباحث زائر في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية (ECFR). يحمل دكتوراة في علم الاجتماع من جامعة يلدريم بيازيد، وماجستير في التصميم الجرافيكي من جامعة بيلكنت، ودرس سابقًا في جامعة الشرق الأوسط التقنية.
ألّف يلماز عدة كتب وأبحاث، أبرزها كتابه الصادر عام 2017 بعنوان “خطاب تحريم التصوير في الإسلام”، وشارك في تحرير كتاب “History, Politics and Foreign Policy in Turkey” الصادر عن مؤسسة SETA عام 2011. كما يتقن إلى جانب التركية اللغتين الإنجليزية والعربية، وشارك في برامج تدريبية ودورات متقدمة في مؤسسات دولية، منها كلية الدفاع التابعة لحلف الناتو في روما، وجامعتي هارفارد وجورجتاون.
مرحلة جديدة للعلاقات التركية السورية
يأتي تعيين يلماز في إطار جهود تركيا لتفعيل قنوات دبلوماسية مباشرة مع دمشق بعد إعادة افتتاح السفارة، فيما تشير تصريحات مسؤولين أتراك إلى أن السفير الجديد سيقود مرحلة تعزيز التعاون وتنسيق الملفات الحيوية بين البلدين. وتركز المرحلة على تسهيل مرور اللاجئين، تنظيم المعابر، وتنسيق المشاريع الاقتصادية والمساعدات الإنسانية، بما يتوافق مع سياسات الطرفين.
ويرى مراقبون أن تولي يلماز المنصب، بخبرته المتعددة بين الاستخبارات والدبلوماسية والسياسة، يعكس رغبة تركيا في اعتماد نهج استراتيجي متوازن في التعامل مع سوريا خلال المرحلة الانتقالية بعد سقوط النظام السابق، مع التركيز على الملفات العملية والتنفيذية على الأرض.
مع تعيين يلماز، تتجه العلاقات التركية السورية إلى مرحلة جديدة من الحوار المباشر، بعد أكثر من عقد من التوتر والقطيعة الدبلوماسية، ما يفتح الباب أمام إعادة ترتيب أولويات التعاون بين البلدين في ملفات إنسانية، اقتصادية، وأمنية.