نقطة عسكرية جديدة للتحالف عند مثلث الحدود السورية – العراقية – الأردنية

2025.10.25 - 08:12
Facebook Share
طباعة

 تشهد البادية السورية منذ مطلع تشرين الأول تحركات عسكرية متسارعة، تُنذر بمرحلة جديدة من إعادة رسم التموضع العسكري في الجنوب الشرقي للبلاد. أحدث تلك التحركات تمثلت في إنشاء نقطة عسكرية جديدة لقوات التحالف الدولي قرب مثلث الحدود السورية – العراقية – الأردنية، خارج نطاق الـ55 كيلومتراً المحيط بقاعدة التنف، في خطوة اعتُبرت توسعاً استراتيجياً محسوباً باتجاه الطريق الدولي بغداد – دمشق.


بحسب مصادر ميدانية، استُقدمت إلى الموقع الجديد تجهيزات لوجستية متكاملة — من آليات هندسية وملاجئ ميدانية إلى منظومات اتصالات حديثة — بإشراف مباشر من ضباط التحالف وبالتنسيق مع جهات أمنية سورية، في مؤشر على مرحلة تعاون ميداني محدودة النطاق، لكنها تحمل أبعاداً تتجاوز الجانب التقني.


الخطوة الجديدة تأتي بعد أسابيع من تحركات أمريكية غير اعتيادية في محيط تدمر، حيث شوهدت طائرات ومدرعات أميركية تتنقل في المنطقة الأثرية ومحيطها قبل أن تعود إلى التنف، وسط تحليق مسيّرات استطلاع فوق الممرات الجبلية المؤدية إلى البادية. وتُشير التقديرات إلى أن الهدف من النقطة الجديدة هو توسيع مجال المراقبة والرصد البري، وتأمين خطوط الإمداد بين القواعد المنتشرة في الشرق والشمال الشرقي من سوريا.


وخلال الشهر الجاري، رُصدت سبع طائرات شحن عسكرية أمريكية تهبط في قواعد تابعة للتحالف في الحسكة والرقة، محمّلة بمنظومات دفاع جوي وصواريخ دقيقة ومعدات مراقبة متطورة، رافق بعضها تحليق مروحيات قتالية لتأمين الهبوط. كما دخلت عبر معبر الوليد الحدودي أكثر من 70 شاحنة لوجستية تحمل مواد بناء ووقوداً ومعدات هندسية نحو قواعد التحالف في قسرك والشدادي وخراب الجير، في إطار خطة لتعزيز البنية القاعدية واستيعاب قوات إضافية.


بالتوازي، شهدت قواعد التحالف سلسلة تدريبات مشتركة مع قوات سوريا الديمقراطية شملت محاكاة عمليات ميدانية معقدة، واستخدام أنظمة تتبع للطائرات المسيّرة، وتمارين إسقاط مظلي واشتباكات وهمية ضمن بيئات مشابهة لمناطق نشاط خلايا تنظيم “الدولة الإسلامية”.
هذه التدريبات — وفق خبراء عسكريين — تعكس توجهاً واضحاً نحو “توطين الجاهزية القتالية” داخل سوريا، أي إعداد القوى المحلية لتتولى تدريجياً مهام المراقبة والمداهمة دون الاعتماد الكامل على العنصر الأجنبي.


التحالف الدولي نفذ خلال الشهر عمليات نوعية ضد خلايا التنظيم في دير الزور والرقة وحلب، أدت إلى اعتقال عدد من المتهمين، بعضهم من قيادات الصف الثاني. إحدى أبرز العمليات جرت في مدينة الطبقة، حيث أُلقي القبض على عنصر بارز في شبكة تمويل تابعة للتنظيم. وفي 20 تشرين الأول، شاركت مروحيات التحالف في عملية دقيقة بريف دير الزور الشمالي أسفرت عن مصادرة كميات من الذخائر والأسلحة.


كما نفذ التحالف عمليتين خارج مناطق الإدارة الذاتية: الأولى في ريف إدلب، حيث استهدفت ضربة دقيقة قيادياً أجنبياً، والثانية في القلمون بريف دمشق، عبر إنزال جوي استمر ساعات وأدى إلى اعتقال قيادي سابق في التنظيم، كان قد عاد إلى المنطقة بعد انهيار بنيته المركزية.


كل هذه التحركات تعيد إلى الواجهة الدور الأمريكي في إدارة خطوط التماس داخل سوريا، خصوصاً مع تراجع نشاط التنظيم في الشرق وازدياد الهواجس من عودته في الجنوب والبادية. ويرى محللون أن النقطة الجديدة في المثلث الحدودي ليست مجرد موقع مراقبة، بل حلقة وصل ضمن منظومة انتشار مرنة تهدف إلى مراقبة المعابر غير النظامية والتصدي لأي نشاط عابر للحدود يمكن أن يهدد الاستقرار الإقليمي.


من الواضح أن التحالف الدولي يعيد ترتيب خرائط وجوده الميداني، مستفيداً من الهدوء النسبي في جبهات الشمال ومن تعاون محدود مع القوات المحلية. وبينما تلتزم الجهات الرسمية الصمت حيال طبيعة التنسيق، تبقى الصورة الكبرى أن المنطقة الممتدة من التنف حتى البوكمال تتحول تدريجياً إلى نطاق مراقبة دولي، مرسوم بعناية بين السياسة والأمن والاستخبارات.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 8