الجيش الإسرائيلي يقرّ بعجزه عن خوض حرب متعددة الجبهات

2025.10.24 - 04:02
Facebook Share
طباعة

في تحذير يُعدّ الأخطر منذ اندلاع حرب غزة عام 2023، أقرّ كبار المسؤولين في الجيش الإسرائيلي بأنّ القوات المسلحة غير مستعدة بعد لخوض حرب متعددة الجبهات، في ظل ما وصفوه بعجز مالي خطير وتأخر في إعادة بناء القوة العسكرية، رغم تصاعد التهديدات من إيران و«حزب الله» وتركيا. التقرير الذي نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية يكشف عن أزمة داخلية متفاقمة بين المؤسسة العسكرية ووزارة المالية في تل أبيب، حول حجم الإنفاق الدفاعي وجدواه في ظل التحديات المتزايدة.

 

أزمة تمويل تهدد الجاهزية العسكرية

بحسب التقرير، فإن الجيش الإسرائيلي يعاني من نقصٍ حاد في الذخائر والمعدات الأساسية، نتيجة خططٍ وضعت بعد هجوم «حماس» في 7 أكتوبر 2023، كانت تفترض حرباً قصيرة لا تتجاوز الشهر، بجبهتين فقط: «حزب الله» في الشمال، و«حماس» في غزة.
لكنّ الواقع فاجأ القيادات العسكرية: الحرب امتدت إلى ثماني جبهات مختلفة، ما أجبر إسرائيل على الاعتماد على أكثر من 900 طائرة شحن و150 سفينة إمداد – أغلبها أميركية – لإعادة التزود بالأسلحة والمعدات، دون أن تتمكن من سدّ النقص بالكامل.

ويقول ضباط كبار إن المشكلة لا تتعلق فقط بسوء التخطيط العسكري، بل بتراكم سنواتٍ من تقليص ميزانيات الدفاع، وبـ«نهجٍ بيروقراطي خانق» في وزارة المالية، التي ما زالت ترفض منح الجيش التمويل الإضافي المطلوب لتسريع عمليات التصنيع العسكري المحلي.

 

"الجيش الصغير والذكي" تحت المجهر

التقرير يشير إلى أن المفهوم الاستراتيجي المعروف بـ«الجيش الصغير والذكي»، الذي اعتمدته إسرائيل منذ أكثر من عقد لتقليص النفقات وتحديث القدرات التقنية، أثبت محدوديته في مواجهة حرب استنزاف طويلة ومتشعبة.
ويقول أحد القادة العسكريين إن «الجيش يحتاج اليوم إلى التحول من مرحلة إعادة التسليح إلى مرحلة بناء القوة»، أي التركيز على الإنتاج المحلي للذخائر الدقيقة والطائرات المروحية والدبابات وأنظمة الدفاع الجوي، محذّراً من أن استمرار الوضع الحالي قد يجعل إسرائيل عاجزة عن الصمود في أي مواجهة طويلة الأمد.

 

كلفة الحروب والإنهاك الاقتصادي

حتى الآن، التزمت الحكومة الإسرائيلية بما يقرب من 100 مليار شيقل (30 مليار دولار) في عقود دفاعية موقّعة مسبقاً، من دون أن تشمل هذه المبالغ تكلفة العمليات الجارية في غزة أو تعزيز الأمن على الحدود.
أما الحفاظ على قوة احتياطية قوامها 50 ألف جندي في العام المقبل، فيُقدّر أنه سيكلف وحده نحو 20 مليار شيقل إضافية.

ويشير ضباط إلى أن بعض منظومات الدفاع مثل صواريخ "آرو 3" الاعتراضية تكلّف أكثر من 3 ملايين دولار للصاروخ الواحد، بينما لا يتجاوز ثمن الصاروخ المهاجم من خصوم إسرائيل 400 ألف دولار، في معادلة مالية مرهقة يصعب تحملها على المدى البعيد.

 


مخاوف من "جبهة تركية" جديدة

إلى جانب التهديدات الإيرانية واللبنانية والفلسطينية، أضاف الجيش الإسرائيلي عنصراً جديداً إلى حساباته الأمنية: تركيا.
فقد حذّرت لجنة حكومية للأمن القومي من أن أنقرة تسعى لتوسيع نفوذها العسكري والسياسي في شمال سوريا، وأن الميليشيات الموالية لها قد تشكل قريباً تهديداً مباشراً للحدود الشمالية لإسرائيل، خصوصاً مع تصاعد الخطاب العدائي من الرئيس رجب طيب إردوغان تجاه تل أبيب.

 

"شرق أوسط على فوهة بركان"

في تقييمٍ ختامي للوضع، نقلت الصحيفة عن مسؤول عسكري قوله: "لم يتحقق السلام بعد. إيران عدو جريح يمرّ بفترة تعافٍ سريع، ووقف إطلاق النار في غزة هشّ، ولبنان يشهد هجمات يومية، وتركيا تراقب سوريا، والضفة الغربية تغلي".

 

وختم القادة العسكريون تحذيرهم بالقول إن الأموال الإضافية التي تلقتها المؤسسة الأمنية "غير كافية إطلاقاً"، وإن الدروس المستفادة من 7 أكتوبر يجب ألا تُختزل في تلك الليلة وحدها، بل تمتد إلى "سنوات من سوء التقدير الاستراتيجي"، على حد تعبيرهم.

 

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 1