تعديلات تربوية جديدة: معالجة لأزمة المتعاقدين وتمويل لصندوق التعويضات في لبنان

2025.10.23 - 05:19
Facebook Share
طباعة

في ظل الأزمات المتراكمة التي تضرب القطاع التربوي في لبنان، أقرّت لجنة التربية الوطنية والتعليم العالي والثقافة اقتراحي قانون يُعدّان من أبرز الملفات المطروحة في الأشهر الأخيرة، لما لهما من أثر مباشر على استقرار الجسم التعليمي في التعليم المهني والتقني، وعلى المعلمين في المدارس الخاصة الذين يواجهون أزمة مالية خانقة منذ سنوات. الخطوة اعتبرها مراقبون محاولة متقدمة لإعادة التوازن إلى أحد أهم القطاعات المنتجة في البلاد.

إصلاحات في التعيين والتعليم المهني:

الاقتراح الأول الذي أقرته اللجنة يتعلق بتحديد أصول التعيين في وظائف أستاذ التعليم الفني والمهني، وهو مطلب قديم لمئات المتعاقدين العاملين بالساعة منذ عقود من دون تثبيت أو ضمانات وظيفية.
ويهدف القانون إلى وضع آلية واضحة للتعيين داخل الملاك التعليمي للمديرية العامة للتعليم المهني والتقني، عبر اعتماد نظام إعداد مسبق للمدرسين من خلال المعهد الفني التربوي، بما يضمن جودة التعليم واستمراريته.
الهدف الأبرز، وفق وسائل إعلام محلية، الانتقال من مبدأ التوظيف العشوائي إلى نظام يستند إلى الكفاءة والتدريب المسبق، بما يرفع من مستوى التعليم المهني ويؤسس لإصلاح بنيوي في هذا القطاع المهم.

إنصاف المتعاقدين ومباراة محصورة:

يتضمّن الاقتراح أيضًا حلاً مرحليًا لفئة واسعة من المتعاقدين الذين شكّلوا على مدى سنوات العمود الفقري للتعليم المهني والتقني في لبنان. فهؤلاء لم يحصلوا على فرص تثبيت رغم سنوات طويلة من الخدمة.
القانون الجديد يمنحهم فرصة الدخول إلى الملاك عبر مباراة محصورة تُنظمها لجنة الخدمة المدنية، ما يشكل بارقة أمل حقيقية لهذه الفئة التي طال انتظارها.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تُعدّ إنصافًا أخلاقيًا واجتماعيًا قبل أن تكون إدارية، لأنها تمنح هؤلاء حقهم الطبيعي في الاستقرار الوظيفي بعد سنوات من العمل الهش وغير المستقر.

دعم مالي لصندوق التعويضات:

أما المشروع الثاني الذي أقرّته اللجنة، فيتعلق بفتح اعتماد إضافي بقيمة 200 مليار ليرة لبنانية لصالح صندوق تعويضات أفراد الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة، وذلك بهدف تغطية العجز المالي المتراكم في الصندوق.
يأتي هذا الدعم في لحظة حرجة يعيشها القطاع التربوي الخاص الذي يواجه تحديات مالية كبيرة نتيجة تراجع الأقساط، وارتفاع التكاليف التشغيلية، وانهيار القدرة الشرائية للمعلمين.
ووفق خبراء ، فإن هذه المساهمة تُعدّ إجراءً إنقاذيًا لتفادي انهيار الصندوق الذي يوفّر تعويضات نهاية الخدمة لمئات المعلمين، وتضمن استمرار العمل بالمؤسسات التعليمية الخاصة من دون تهديد حقوق العاملين فيها.

أبعاد سياسية وتربوية:

لا يمكن فصل هذه الخطوات التشريعية عن السياق العام للأزمة التربوية التي تضرب لبنان منذ العام 2019 فبين انهيار الليرة وغياب السياسات المستدامة في التعليم، جاء إقرار القانونين كمحاولة لإعادة الثقة إلى المعلمين والنظام التعليمي.
لكن التحدي الأكبر يبقى في تنفيذ القوانين وتأمين التمويل اللازم لتطبيقها على أرض الواقع. فالمعلمون ما زالوا يطالبون بسياسات شاملة تعالج جذور الأزمة التربوية، لا مجرد حلول جزئية أو آنية.

يُعدّ إقرار اقتراحي القانون بشأن التعليم المهني وتعويضات المعلمين خطوة ضرورية في مسار طويل من الإصلاح، لكنها تبقى منقوصة ما لم تُترجم بإجراءات عملية تُعيد الاعتبار للمعلم وتضمن استدامة التعليم في لبنان، فالتربية ليست ملفًا خدماتيًا بل ركيزة أساسية لأي نهوض وطني حقيقي. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 10